بدأ أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة ورؤساء وفود الدول العربية في الدوحة امس أعمال مؤتمر القمة العربية العادية الحادية والعشرين .ويرأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وفد المملكة العربية السعودية في القمة.وقد بدأت الجلسة الافتتاحية للقمة بتلاوة آيات من القرآن الكريم .ثم ألقى الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية رئيس القمة العربية العادية العشرين كلمة أشار فيها إلى الأحداث النوعية التي شهدتها المنطقة والعالم أجمع وفي مقدمتها الأزمة المالية العالمية التي تأثرت منها الدول الغنية والنامية. والتطورات التي شهدتها المنطقة خلال الفترة بين القمتين العربيتين السابقة والحالية. وقال إن العالم لا يخدم إلا من يخدم نفسه ولا يعيد حقوقا إلى لمن يعمل على إعادة حقوقه ويتمسك بها ويقاتل من أجلها.وتحدث عن المصالحة العربية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في القمة العربية الاقتصادية التي عقدت في الكويت وما تلاها من مصالحات خلال الأسابيع التي تلتها حتى موعد هذه القمة . وأكد أهمية المصالحة العربية في هذه المرحلة لأنها الأرض الصلبة لاتخاذ القرارت العربية التي تخدم العمل العربي المشترك.وشدد على ضرورة تأسيس المصالحة العربية على أرض صلبة تتمثل في الإرادة الصادقة في بناء التكامل ووحدة الصف العربي . معربا عن اعتقاده بأن التضامن العربي يعني التكامل العربي والتنسيق في المواقف العربية . وتطرق الرئيس السوري إلى العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة مؤكدا دعم القادة العرب للمصالحة الفلسطينية وتمنياتهم بأن تفضي إلى حكومة وحدة فلسطينية وطنية تحقق مصالح الشعب الفلسطيني . كما تطرق إلى المشهد السياسي في إسرائيل المتمثل في الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي تمثل اليمين المتطرف في إسرائيل مؤكا أنها لا تختلف عن الحكومات الإسرائيلية في موقفها من السلام في المنطقة سوى أنها أكثر تطرفا نحو الحرب والإستيطان وتهجير الفلسطينيين. وأكد رفض سوريا لمذكرة محكمة الجنايات الدولية بحق الرئيس عمر البشير رئيس جمهورية السودان داعيا إلى اتخاذ موقف عربي حازم برفض القرار والوقوف إلى جانب السودان تجاه ما يحاك له من مخططات عدائية . إثر ذلك سلّم الرئيس السوري رئاسة القمة العربية لسمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني أمير دولة قطر الذي أعلن بدء أعمال القمة ثم ألقى كلمة عبر فيها عن تقديره لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود للمصالحة العربية التي تعبر عن حرصه حفظه الله على لم الشمل العربي وتجاوز أي اختلاف في الرأي بين دولنا الذي يبقى في النهاية حول الوسيلة وليس الهدف .كما عبر سموه عن اعتزازه واعتزاز القادة العرب لمشاركة خادم الحرمين الشريفين في قمة العشرين الاقتصادية التي ستعقد في العاصمة البريطانية لندن يوم الخميس المقبل . وقال إنني لا أغالي إذ أقول إننا نشعر أنه يمثلنا جميعا في المهمة التي نتمنى له التوفيق والنجاح فيها وإننا على ثقة في أنه سيمثل مصالح العالم العربي وحتى الدول النامية المتضررة وطموحها في علاقات أكثر توازنا مع الدول الصناعية المتقدمة. وقال سمو أمير دولة قطر لو لم يكن هذا الاجتماع مقرراً بحكم مبدأ الدورية السنوية للقمم العربية لوجب أن يكون وذلك بحكم طوارئ دهمت عالمنا وليس بلادنا وحدها ، وكانت نتائجها ما نراه جميعاً ونشعر بوطأته من تقلبات ومشاكل وأزمات في كل النواحي وعلى كافة المستويات ، وما يزيد من خطورتها أنها تزاحمت ، وألقت بأثقالها في نفس اللحظة ، وتفاعلت ظواهرها وتداخلت ، وتجمعت بآثارها وتعقدت ، بحيث بدا أن حجمها أكبر من طاقة الجهات المكلفة بالتصدي لها . وأشار إلى الأزمة المالية الاقتصادية التي تعرض لها العالم ولا يزال يتعرض لها مؤكدا أنها لم تؤثر على موارد العالم العربي وعلى مدخراته فحسب لكنها كشفت عن هشاشة خطرة أصابت النظم التي كان العالم يعتمد عليها في ضبط أوضاعه والحفاظ على توازنه . كما أكد أن آثار الأزمة في الثقة أصابت العالم العربي أكثر من غيره ، فهو بموقعه وموارده ، وهو بقضاياه ومشاكله ، وهو بالسابق واللاحق من أحواله ، موجود في مهب الرياح وفي بؤرة العاصفة ..موضحا أن أخطر ما في أزمة الثقة أنها تخلق أجواءً يصعب فيها التأكد من مواقع القوى ومن مقاصد السياسات ، ومن سلامة التقديرات ، ومن حساب الاحتمالات. وقال إن الظاهر أمامنا أن ما قبلناه لأزمنة طويلة أمور مسلم بها يحتاج إلى مراجعة وأن سياسات اعتمدناها وسعينا لها تحتاج إلى مراجعة وأن مناهج وأساليب اعتدناها تحتاج إلى مراجعة أيضا وبمسؤولية كاملة فإننا نقول أننا نحتاج إلى مراجعة وليس تراجعاً . ولفت سمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني النظر إلى جملة من الأسباب التي تدعو العالم العربي إلى ضرورة الفهم أكثر للأزمة المالية العالمية أولها يتمثل في انعكاسات الأزمة نفسها ، وثانيهاً يكمن في أن الأزمة استولت على اهتمام العالم ، وأبعدته عن قضايانا ، خصوصاً مع متغيرات سياسية تمسنا مباشرة من ضمنها أن هناك رئاسة أمريكية ليست جديدة فحسب ، ولكنها أيضاً مختلفة ، فقد جاءت إلى القرار الأمريكي بدم جديد قادر على التجديد ..وهناك انتخابات جرت في إسرائيل علينا أن نراقب توجهاتها وتأثيراتها على أوضاع الأمن في المنطقة ..وهناك تطورات في الجوار لا بد لنا أن نحسن التعامل معها بحيث لا تواجه المنطقة توترات زائدة تضيف إلى قلقها واضطرابها . وأضاف أما السبب الثالث فيتمثل في أننا نلمح على اتساع العالم تغيرات في مواقع القوة ومراكز التأثير. فيما يكمن السبب الرابع في مشاريع وطنية ودول قومية وتجمعات دول تدعو مواطنينا للتساؤل عن المشروع العربي. وحذره سموه من أن تلك الأسباب جميعاً سوف تواجه العالم العربى بطريق مباشر وغير مباشر بتداعيات سياسية واجتماعية تحتاج إلى استعداد وتنبه ، مبينا أن أبسط ما نستطيع أن نتوقعه أن هذه الأزمة سوف تخلف وراءها عواقب وتعقيدات في منطقتنا تتطلب أن نكون جاهزين لحصرها وإدارة حركتها . وتوجه سمو أمير دولة قطر فى ختام كلمته إلى القادة العرب قائلا إن الأمة تتطلع إليكم ، ومجتمع الدول ينتظر إسهامكم ، فمع أهمية المصالحات الجارية ومع ضرورة عودة الود في العلاقات ، أصبح المطلوب منا التوافق والتعاون في الأفكار والأهداف والوسائل بيننا ، وبيننا وبين العالم بأسره. بعد ذلك ألقى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كلمة حيا فيها مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمصالحة العربية وإعادة الأمور إلى نصابها داخل البيت العربي . وقدم عرضا عن أبرز الإيجابيات التي تحققت في العمل العربي المشترك , وأبرزها التطوير والتحديث وموضوع التكامل العربي والاتفاق في قمة الكويت على خطة عمل طموحة وعملية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية . وموضوع المصالحة والتوصل إلى توافق عربي . ومبادرة السلام العربية والجهود العربية في المصالحة اللبنانية والفلسطينية والعراقية إلى جانب الحركة الإعلامية العربية غير المسبوقة في حرية التعبير بالمقارنة مع ما كان عليه في الماضي القريب. وفي المقابل تطرق عمرو موسى إلى السلبيات التي تشكل عقبة في الانطلاق نحو مستقبل مختلف أهمها ميل النفس إلى الانهزامية الذي آن الأوان لعلاجه . والفهم الملتبس للعمل الدولي في إطار السلام رغم وضوح الحاجة إلى موقف جماعي حقيقي . والتباس العمل نحو الديموقراطية وبطء تنفيذ وثائق التطوير التي تم إصدارها في قمة تونس عام 204 م .إلى جانب ما يعانيه التعليم في الوطن العربي الذي لا يزال بعيدا في مخرجات مدارسه وجامعاته عن المستوى المطلوب عالميا . وضعف البحث الحث العلمي وفتح أبواب المعرفة الحديثة . واقترح في هذا السياق أن يكون موضوع العلم والتعليم في العالم العربي بندا دائما ورئيسا على جدول أعمال القمة العربية . وأن تقدم الجامعة العربية تقريرا سنويا بهذا الشأن. وفيما يتصل بالتنمية الاقتصادية أشار الأمين العام للجامعة إلى ما تحقق من تقدم في هذا المجال كان آخره عقد القمة العربية الاقتصادية في الكويت . ورأى في تنفيذ مقررات قمة الكويت فائدة كبرى للدول العربية وبالأخص قرار إنشاء الاتحاد الجمركي العربي عام 2015 م ومبادرة سمو أمير دولة الكويت بدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة والقرار الخاص بمشروعات الربط المشتركة البرية والجوية وشبكات الكهرباء. وأكد ضرورة المتابعة الجماعية للأزمة الاقتصادية العالمية وقيام صندوق النقد العربي بمتابعة تأثيراتها على الاقتصاديات العربية. ولفت النظر إلى عدد من القضايا التي تتناولها القمة العربية ووصفها بأنها مهمة في مقدمتها جرائم الحرب التي ارتكبها جنود الاحتلال الإسرائيلي في غزة مشيرا إلى أن جامعة الدول العربية طلبت من لجنة قانونية دولية مستقلة أن تحقق وتتحقق مما جرى في غزة. وقال إنني سوف أدعو إلى اجتماع عاجل للمجلس الوزاري للجامعة فور وصول التقرير لإعداد عرض الأمر على الجهات القضائية الدولية المختصة. وشدد على عدم التساهل في محاسبة مجرمي الحرب . ودعا إسرائيل إلى التنبه إلى جدية ما يقوله العرب من أن الخيار هو السلام مقابل الأرض بما فيها القدس. واقترح عمرو موسى بأن تطالب القمة بمعالجة الملفات النووية في المنطقة من خلال مقاربة إقليمية شاملة تؤدي إلى إقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط . وشهدت الجلسة الافتتاحية كلمات لعدد من القادة ورؤساء الوفود العربية والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي ورئيس البرلمان العربي تحدثوا فيها عن الوضع الراهن في المنطقة والأزمة المالية العالمية وتداعياتها على اقتصاديات العالم ودول المنطقة . وقد ضم وفد المملكة الرسمي المشارك في أعمال جلسة الافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة وصاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر ومعالي وزير العمل الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي ومعالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف ومعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محي الدين . من جانبه دعا الرئيس السوداني عمر البشير في افتتاح قمة الدوحة الاثنين نظراءه العرب الى اتخاذ قرارات "قوية وواضحة" ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقته على خلفية النزاع في دارفور. وطلب البشير الملاحق بموجب مذكرة توقيف اصدرتها بحقه المحكمة الجنائية الدولية، القمة العربية باتخاذ "قرارات قوية واضحة لا لبس فيها". واعتبر انه على هذه القرارات ان "ترفض هذه القرار (الصادر عن المحكمة الجنائية) وتطالب من افتراه بالغائه".