ثمن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله مشاركة الأكاديميين والباحثين السعوديين والفرنسيين الفاعلة في " الندوة السعودية الفرنسية لحوار الحضارات " وجهودهم السخية في إنجاح أعمالها وما سيقدمونه من مقترحات وتوصيات هادفة . وسأل " الملك المفدى " في كلمته التي ألقاها نيابة عنه معالي وزير التعاليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري في افتتاح فعاليات الندوة التي تقام تحت رعاية " الملك المفدى " وتنظمها جامعة الملك سعود بالتعاون مع كلية الحقوق بجامعة باريس «ديكارت » ومرصد الدراسات الجيوسياسية بفرنسا وسفارة خادم الحرمين الشريفين بفرنسا والملحقية الثقافية السعودية بباريس ، سأل الله أن يكون للحوار أثره المرجو في مجال إحلال التفاهم والسلام محل المنازعات والحروب بين الأمم. وعد " أيده الله " هذه الندوة إحدى ثمار مؤتمر حوار أتباع الأديان والثقافات الذي عقد في مدريد في شهر يوليو 2008م وماتلاه من منتدى حوار الأديان بنيويورك خلال شهر نوفمبر 2008م. وقال الملك المفدى انطلاقا من مبادئ الإسلام الخالدة التي تحث على العدل والمساواة والسلام وتدعو إلى عمارة الأرض وتعارف الناس والإخاء بينهم فإنني أرحب بكم أيها الحفل الكريم أجمل ترحيب في هذه الندوة المباركة التي تتناول موضوعا من أهم الموضوعات كي تحقق التواصل بين الشعوب وتحيل مشاعر الكراهية والبغض بينهم محبة وتفاهما ذلك الموضوع هو حوار الحضارات بين الأكاديميين والباحثين السعوديين والفرنسيين . وأضاف وحيث كانت الدعوة بإقامة مؤتمر حوار الأديان والثقافات رسالة بليغة واضحة المضمون لجميع شعوب العالم بأن الإسلام دين المحبة والإخاء والسلام مما جعلها تنال كل تشجيع ومساندة نظرا لأن الحوار أصبح سبيلا واضحا وأمرا حتميا لخدمة البشرية في ظل نظام عالمي جديد جعل كل دول العالم وشعوبه أشبه بقرية كونية واحدة فلابد أن يحل السلام بينهم بديلا عن العنف والحب والود بديلا عن الكراهية والازدراء والحوار والتفاهم بديلا عن المقاطعة والصراع . وأردف خادم الحرمين الشريفين قائلا إننا نأمل جميعا أن يستمر التواصل بين الأكاديميين والباحثين السعوديين والفرنسيين بتأكيد حقوق الإنسان الذي يعتد بدينه ومعتقداته وتحقيق أقصى النتائج الإيجابية البناءة للتواصل المعرفي وبيان الصورة الحقيقية عن سماحة الإسلام ووسطيته وصلاحية أحكامه لحل مشكلات الإنسان وتحقيق السلام والطمأنينة له , سائلا الله جل جلاله أن يجعل هذه الندوة ونتائجها شعاعا يضيء بالعلم والسلام دروب الأجيال المستقبلية للعالم أجمع ومصدر خير للإنسانية وإلهاما لمستقبل واعد للبشرية . وتطلع / حفظه الله / إلى المزيد من التواصل والجهود المخلصة لتحقيق الأهداف المرجوة في مسيرة الإنسانية مؤكدا " رعاه الله " انه لن يدخر وسعا في دعمهم ومؤازرتهم لتحقيق الأهداف المرجوة . وقدم " أيده الله " شكره لهم, مقدرا لهم جميعا ما يبذلونه من جهود مباركة تحقق التكامل والتعاطف بين البشر وتهدف إلى تعزيز الود والتلاحم بين الشعوب . وكان الحفل الخطابي الذي أقيم في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض بمناسبة افتتاح فعاليات الندوة قد بدئ بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم ألقى عميد كلية السياحة والأثار بجامعة الملك سعود والمنسق العام للندوة الدكتور سعيد بن فايز السعيد كلمة أكد من خلالها أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين / حفظه الله / شكلت منعطفا مهما في مسيرة التاريخ الإنساني وقطعت الطريق على المتشنجين من دعاة صراع الحضارات . ودعا الدكتور السعيد إلى تأسيس حوار يقوم على مبدأ الإنسجام الخلافي وأن يكرس منا الخيال في طلب الآخر طلبا يصرف المتنوع الثقافي وأنماط الحياة تصريف الاستثمار المشترك حتى تغدو المثالية منغرسة في واقع الاختلاف في غير ما تحول لحق الاختلاف إلى واجب الخلاف والنزاع ، مطالبا من الجميع تشييد مجتمع إنساني جديد تتفاوض أطرافه على أساس من العدل وتسافر فيه الثقافات في غير ما إنكار أو استجهان ويشارك فيه كل الأفراد في مختلف الأنشطة الإنسانية مشاركة الحرية والكرامة . وبين أن الندوة تعالج قضايا مهمة تندرج في إطار الاختيارات العلمية ومنها مسألة السلام وكرامة الإنسان وما يقتضيه مستقبل السلام من تحرر من العنف والإرهاب والتطرف ومن كل ما يهدد كرامة الإنسان إلى جانب قضايا الصور النمطية للآخر والثقافة وحوار الحضارات مشيرا إلى أن الندوة ستعمل على تكريس سبل تفعيل التبادل الثقافي وتفعيل الدور التواصلي الإنجازي استثمارا للحوار النظري . واوضح أن المشاركين في الندوة سيحاولون من خلال محور الحوار بين الحضارات التفكير في اتفاقيات شراكة علمية وبحثية وسبل إنجاز مشروعات مستقبلية من خلال إيفاد الأساتذة والطلبة على كلا البلدين وتبادل الخبرات التعليمية مفيدا أن المحور الأخير في الندوة سيناقش صناعة المشترك واحترام التنوع الثقافي . بعد ذلك ألقى مدير مركز الأرصاد الجيوبوليتيك الفرنسي الدكتور شارل سان برو كلمة بين فيها أنه تم تنظيم هذا الحوار استنادا إلى رؤيا الملك عبدالله بن عبدالعزيز من جهة وإلى الدور القديم الذي تضطلع به فرنسا من أجل فهم ومعرفة الإسلام والحضارة الإسلامية . وأكد أن هذا المنتدى الفرنسي السعودي يندرج في الدرجة الأولى في إطار الجهود الحثيثة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين باستمرار تشجيعا ودعما لحوار الحضارات ، عادا التزام الملك عبدالله بن عبدالعزيز بدعم قضية التفاهم بين الأديان والتعاون بين الحضارات أمرا جوهريا مشيرا إلى أنه هذا هو الحال بالنسبة لفرنسا ذات الحضارة القديمة التي تقيم أمتها دائما علاقات وثيقة مع العالم العربي والإسلامي منذ العصور الوسطى. وبين الدكتور شارل سان برو أن فرنسا هي أقدم حليف للمملكة العربية السعودية مشيرا إلى أن تاريخ التحالف بين البلدين يرجع إلى المعاهدة الموقعة بين جلالة الملك سعود طيب الله ثراه ونابليون عام 1811. وأشار إلى إن الهدف من هذه الندوة هو التعاون بين الحضارات وحماية تنوع الأمم والثقافات متطلعا إلى إنشاء هيئة أو مؤسسة دائمة لهذا المنتدى مؤكدا أن ما يمر به العالم الحالي من أزمات لا تشكل خطرا مثل الأزمة الفكرية والأخلاقية التي تمثل تهديدا رهيبا للحضارات . ودعا إلى بناء حوار خصب لخدمة التعاون بين الحضارات وحماية التنوع الأممي والثقافي والعمل على إعادة المثل الأخلاقية والقيم الروحانية . إثر ذلك ألقيت كلمة جامعة باريس ديكارت ألقاها الدكتور جون بير ماشيلو أكد فيها أن الجامعة مستمرة في مواكبة نهج تطوير حوار الحضارات ، مرحبا باسم الجامعة بالطلاب السعوديين الدراسين فيها ومن يرغبون في الالتحاق فيها . بعد ذلك ألقى معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان كلمة بين فيها أن تنظيم هذه الندوة يأتي استجابة للتوجيه الحكيم من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين / حفظهما الله / بتشجيع الحوار والتفاعل مع الآخر عبر مد جسور الصلة والتبادل الثقافي بين الأمم والشعوب . وعد تنظيم جامعة الملك سعود لهذه الندوة بالتعاون مع سفارة خادم الحرمين الشريفين والملحقية الثقافية السعودية بفرنسا وبالشراكة مع كلية الحقوق بجامعة باريس ومرفد الدراسات الجيوسياسية بفرنسا تعزيزا لدورها الذي يجعل الانفتاح على المجتمع عبر طرح الإسهامات المجتمعية ركيزة أساسية في رسالتها ، وامتدادا لانفتاح رحب نحو العالم عبر الاتصال بأعرق الجامعات ومراكز البحث لاستثمار مالديها من رصيد معرفي إدراكا من أن الانفتاح على الآخر محور رئيس للريادة . ورفع شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ولسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز حفظهم الله لدعمهم ومؤازرتهم للجامعة في خططها وطموحاتها ، مقدما شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز على مشاركته في الندوة . بعد ذلك ألقيت كلمة فخامة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ألقاها نيابة عنه سفير جمهورية فرنسا لدى المملكة برتران بوزنسنو أكد فيها أن المملكة العربية السعودية شريك استراتيجي لبلاده في المنطقة ولاعب رئيسي في العولمة بفضل قوتها الاقتصادية والمكانة التي تحتلها في سوق الطاقة . وقال إن المملكة خادمة للحرمين الشريفين وهي الأرض التي ولد عليها نبيها وإحدى أجمل حضارات العالم ، مشيرا إلى أن المملكة تمارس في محيطها القريب وأبعد من محيطها نفوذا متسما بالتفهم والاعتدال والأخوة، وترتكز على الدين . وحيا فخامة الرئيس الفرنسي خادم الحرمين الشريفين الذي قال إنه اتخذ مبادرة حميدة من أجل إثارة الحوار بين الأديان في مناسبات عديدة ، وقال أتاحت العملية التي أطلقت في مكةالمكرمة في يونيو الماضي فتح حوار سليم ومفيد بين مختلف الديانات مبينا فخامته أن الأزمة المالية العالمية أجبرت الجميع على العودة إلى القيم وأسس اقتصاد السوق ، وأن الجميع بحاجة إلى بناء نظام اقتصادي أكثر إنسانية وأكثر أخلاقية وأكثر احتراما لكرامة الإنسان وعمله. وتابع قائلا المملكة العربية السعودية تشاطر فرنسا هذا التحليل ولهذا السبب يتعين علينا أن ننسق من أجل تلبية هذا التحدي الذي يشكله إعادة تنظيم النظام الاقتصادي العالمي كونها عضو في مجموعة العشرين// ، مبينا أن المملكة أثبتت حكمتها ورويتها في إدارة هذه الأزمة، كما أنها تلعب دورا مهما من أجل مواجهة هذا الرهان العالمي . وأبدى ساركوزي إعجابه مجددا بالتزام خادم الحرمين الشريفين وبالدبلوماسية السعودية في حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وجهود المملكة المتواصلة لصالح المواقف العربية، وقال في هذا الاتجاه إن خطة السلام العربية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين تشكل ركيزة أي سلام قادم ، مبديا دعم فرنسا لكل الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في هذا الاتجاه . عقب ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل المتحدث الرئيسي في الندوة كلمة شكر فيها جامعة الملك سعود على توجيه الدعوة له للمشاركة في الندوة المهمة التي تنظم برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله . وأكد سموه أن الملك المفدى لا يألو جهدا في دعم كل مافيه فرصة لتعزيز التفاهم والحوار والتقارب بين الأمم والشعوب، ونشر السلام والتسامح والعدل وحفظ كرامة الإنسان. وقدم سموه شكره لوزارة التعليم العالي، ولسفارة خادم الحرمين الشريفين بفرنسا ، والملحقية الثقافية السعودية في باريس على جميل سعيهم لتنظيم هذه اللقاءات بين الأكاديميين السعوديين والفرنسيين . وتحدث سموه عن العلاقات السعودية الفرنسية وعن العلاقات الإسلامية الفرنسية والعربية الفرنسية عبر القرون . ورأى سموه أن الصداقة التي تربط فرنسا بالدول العربية أدت إلى تنامي التبادل التجاري والثقافي بين فرنسا وشعوب دول الجزيرة العربية، مشيرا إلى أ ن المملكة العربية السعودية عملت على زيادة عدد المنح الدراسية للطلاب السعوديين في الجامعات الفرنسية، مثمنا ما تقوم به جامعة ساينس بو من دور حميد في هذا المجال، حيث يعمل برنامج الجامعة على استضافة راغبي الدراسة من الجزيرة العربية في فرنسا بالمعايير نفسها التي تطبق على الطلبة الفرنسيين، مبينا أن عدد الباحثين الفرنسيين الزائرين للمملكة بلغ حتى الآن أربعة عشر باحثاً، إضافة إلى أربعة وعشرين محاضراً في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وحده، بخلاف الباحثين والزائرين للجامعات والمراكز البحثية الخليجية الأخرى . هذا وأكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل في تصريح صحفي عقب الندوة أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحوار الحضارات غير مستغربة منذ أن دعا حفظه الله إلى حوار أتباع الديانات ثم تطور إلى حوار الثقافات بدءا من مؤتمر مدريد في العام الماضي وصولا إلى لقاء نيويورك في مقر هيئة الأممالمتحدة. وقال سموه // إن فكرة هذه الندوة نبعت من معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري عندما زار فرنسا حيث تم الترتيب لها من قبل سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى فرنسا والملحقية الثقافية السعودية في فرنسا مع الجانب الفرنسي // مشيرا إلى أن مثل هذه اللقاءات تفيد البشرية بصفة عامة . من جانبه رأى معالي وزير التعليم العالي في تصريح صحفي مماثل أن تجمع أكاديميين من المملكة وفرنسا مفيد لتحقيق الهدف الأساسي الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين العام الماضي، مبينا أن اللقاء القادم سيكون في فرنسا. وقال معاليه إن الدعوة لهذه الندوة تأتي في إطار الدعوة والتوجه الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين على مستوى العالم وليس على المستوى المحلي ولقي اهتماما وتجاوبا. وعن زيادة عدد الطلاب السعوديين المبتعثين إلى فرنسا أوضح معالي وزير التعليم العالي أن عدد الطلبة المبتعثين سيصل إلى ألف طالب وطالبة أغلبهم في الطب وفي مجالات أخرى تتميز بها الجامعات الفرنسية .