خلّ القصيدة بجد تصير إنسانه قصيدتي قوتي لا جار بي وهني تقول يا شاعري مابيك تشبهني الشاعر ان مات صار القبر ديوانه هكذا كان محمد النفيعي رحمه الله يعطي من روحه للقصيدة،يتعامل مع الحروف والكلمات وكأنه يتعامل مع(كائن حي)،والآن وقد توقف شهيق محمد وزفيره،الا انك حين تقرأ له تشعر انه مازال حياً،كأنماأعطى أنفاسه القصائد وألبسها أبهى الحلل وزينها بأجمل القلائد،كان وسيبقى مدرسة شعرية وقامة ادبية شعراً ونقداً،وبالحديث عنه نجد انه لم ينسه صراعه مع المرض جهاده مع الكلمات،لم يتوانى شاعر البسطاء وكاتب الناس يوماً عن التعبير عما يختلج الناس وبالأخص المساكين منهم،ينسى ألمه ويحمل في جوانحه آلام وهموم البسطاء لينسج منها مايكاد انك تقرأه على وجوههم لو نَطقوا شعراً،كان كأنما يتسلل الى ارواحهم خفية ويسكن في صدروهم قريباً من تنهيداتهم ويشعر بما يشعرونه ومن ثمّ يصوره في حروف مختصرة بلاغياً وشاسعة معنوياً،الفقد الذي سيعاني منه ذووه ومقربوه هو فقد شخصي،والفقد الذي سيعانيه شريحة كبيرة هو فقد شخصي وفقد لبصماته على الحروف وفقد لتصويره آلامهم وهمومهم،لم تكن كتاباته تمثله وحده،بل كان يشارك ويشاطر فئة كبيرة من المجتمع الاحساس ثم يضع نفسه متحدثاً عنهم،كان اخر ماقرأت له هو تعليقه على صورة فتاة من(البؤساء)تقف بجوار والدتهاوتحمل (محلول طبي )يخرج منه انبوب الى داخل جسد الام التي انهكها المرض، لكنه حينما رأى الصورة لم يكن ينظر لها كما ينظر بقية الناس،نظر إليها بعين العطوف والحنون الذي يتعاطف مع كل انسان يعاني في كل قطر من أقطار العالم، فكتب رحمه الله معلقاً على الصورة: الحبل نفس الحبل أصله وفصله منه بس كان سرّي قبل والحين معلن عنه (اللَّهُمَّ طَهِّرْه مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، اللَّهُمَّ نَقِّه مِنْهَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ طَهِّرْه بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ)آمين.