أخذوها حيث القمر ثم من فلاحٍ زوجوها الطين في ثوبه و نحره ويديه و على لسانه لونه وعلى شفتيه ظل ساكناً كسكون ليلة زفافها لا يلمع منه إلا بياض عينيه ظلت تتسخط في وجهه ولما تعبت سألته لماذا لا ترد ؟ قال بهدوءٍ هرِم: أنا أبكم. نظرت بغضب:وكيف للأبكم أن يتكلم! انصرف و لغيظها تركها و لما بزغ الفجر شدها من يدها حتى وقف على طين أرضه التي يتدفق الندى على نحرها وكتب بإصبعه ( علموني أنني أبكم ؛ لا يحق لي أن أتكلم ولا أسأل ولا أفهم، علموني أن ليس لي أن أختار ولا أسرار ولا أن أتأمل الأزهار علموني أنني ابن الطين وإلى الطين وأن أمي كانت طينا و أبي ذات ليلةٍ كان لها سحابة وفي الصبح صرت أنا البذرة وأمي أرض لها و سحابة ولكن يوم أن شقت للنور طريقها ابتلع الطين أمها ، يتيم الطين أنا فكوني أماً لي و سحابة) *** وتبسم في براءة. ابتعدت عنه و ظلت تحدق في القمر وقد كان بدراً مكتملا شعرت به يقترب فلم تبدي اهتماماً اقترب أكثر فأغمضت عينيها وأدارت وجهها فزاد قربا و بين عينيها طبع قبلته البكر وقال غير مكترثاً بما ستقول و تفعل : الناس تحب القمر وهي تعلم أن هذا النور ليس نوره. ابتسمت ساخرةً - ليس منه- الناس لا تحب أن ترى من يخدمها على حقيقته. ** الكاتبة / ثراء