كانت في ذهني ذكريات كثيرة وجميلة عن الجزائر وشعبها وكنت قد كونت فكرة عن هذا البلد العربي الشقيق عبر نضاله الطويل ضد الاستعمار الفرنسي.. كانت في ذاكرتي ايام النضال للرئيس احمد بن بيلا وزملائه الذين التقى بهم الرئيس جمال عبدالناصر ودعمتهم مصر بكل وسائل الدعم بالسلاح والدعم المعنوي في الاممالمتحدة للمطالبة بحقوقهم المشروعة في الحصول على الاستقلال وبعد بن بيلا جاء الرئيس هواري بومدين وعرفنا دوره المهم في حرب 1973 التي خاضتها مصر ضد اسرائيل وكيف انه ركب طائرته وتسلم شيكاً بمبلغ مائة مليون دولار من الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله وذهب به الى الاتحاد السوفييتي ليقدم السلاح العاجل لمصر لتواجه العدو الاسرائيلي كانت دائما مواقف الجزائر من بلدي مصر هي مواقف الشهامة والرجولة وهي بلد المليون شهيد. ثم جاءت الفنانة المصرية القديرة (ماجدة) لتقدم لها الفيلم الرائع (جميلة بوحريد) وهي قصة حقيقية مستوحاة من قصص النضال الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي وهذا الفيلم لا ينساه اي مواطن عربي شاهده لانه اخرج بطريقة جيدة جداً وهم مجموعة من كبار الفنانين المصريين وظل ضميراً حياً في نفوس الملايين من المصريين حتى اليوم، بل ان القنوات والسينما المصرية تعرض كنموذج من افلام النضال والتضحية من ابناء الوطن ضد الغاصب المعتدي والمستعمر وكرمت "الجزائر" فيما بعد المناضلة الحقيقية "جميلة بوحريد" ثم كرمت فيما بعد الفنانة (ماجدة الصباحي) التي انتجت هذا الفيلم الرائع وكل هذا اختزنته في ذاكرتي عن الجزائر بل الصمود والتحدي والبطولات. وخلال ادائي لعملي خلال موسم الحج كنت اسعد كثيرا بأن التقي بالحجاج الجزائريين وزيهم العربي المميز ولكني كنت احزن لان لغتهم العربية (غير واضحة) وكانوا يتحدثون العربية بصعوبة وهم في الغالب يتحدثون الفرنسية بطلاقة بفضل الاحتلال الذي جثم على نفوسهم لسنوات عديدة.. وكنت احزن في نفسي لهذا التناقض الغريب الذي اراه.. شعب عربي اصيل وابناؤه يتحدثون الفرنسية ومن يتحدث العربية منهم فهم قلة وهي عربية "مكسرة" غير واضحة. وعندما لاحت لي فرصة زيارة الجزائر فرحت لهذه الزيارة ورحت امنيّ نفسي بانني سوف اشاهد في الجزائر العاصمة اشياء كثيرة اخرى غير التي جمعتها في ذهني عن هذا البلد الشقيق قبل الوصول اليه.. وحينما وصلت مع الوفد الصحفي الذي كنت احد اعضائه الى (فندق شيراتون الجزائر) فوجئت بطوق امني من الاخوة رجال الامن والدرك الجزائري يطلبون منا (عدم مغادرة الفندق) الا في حراسة رجال الامن العام الجزائري فقد كانت الجزائر في هذا الوقت تواجه اعمال خطف واعمال شغب ووقعت (في مطب جزائري) هائل فمعظم الزيارة التي امتدت قرابة (اسبوع) كانت بين جدران الفندق الجزائري خوفاً من تعرضنا لاعمال عنف من بعض الخارجين على القانون وكانت ايام وليالي لا تنسى.