حينما أدرت ظهري لك وغادرتك راحلة ! غادرتك وروحي مثقلة بالوهن، غادرتك وقلبي مذبوحٌ إثر طعناتك السحيقة ، غادرتك وأضلعي تئن من قذائف إتهاماتك العاتية، غادرتك وبصدري تندلع حرائق الخيبة، غادرتك وجسدي هزيلاً تعصف به رياح التيه، تارة أتأرجح على غيمات ماضينا الغض وأهذي أضحك وعلى ثغري تتراقص شهقات الأطفال، وتارة أرتطم بشظايا قلبي المتهرئ الذي آمن بك ! قلبي الذي شيدت به أماني شاهقة بك لتُنصفني لتواجه العالم بأسره معي إن حاربني وإن اضطهدني جوراً وبهتاناً .. ولكنك أيقظتني على فجيعة لم يقوى عقلي على استيعابها حينما وجدتك في أوائل الصفوف التي اغتالت براءتي بقصاص الجور وتراقصت في ساحة إعدامي ساخرة ! وما لبثتُ إلا أن نسيت كم أشقيتني وما لبثتُ إلا أن أخذتني خطواتي إليك مهرولة ذات مساء باهت معتم، طرقت بابك هزيلة من وحشة الحنين وذئاب الفقد تنهش أطرافي.. طرقت بابك لا لحاجة ولا لأستجديك أن ترمقني بعين مشفقة.. طرقت بابك لتدثرني من صقيع اشتياقي المزمن إليك.. طرقت بابك لأسدّ رمق قلب أنهكه النزف كل ليلة على أعتاب فراقك.. طرقت بابك غارقة في طوفان الحزن لأنني ظننتك يوماً طوق نجاتي .. طرقت بابك بأنامل مرتعشة لا تقوى الفرار منك إلا إليك وخذلتني مجدداً ! حينما أغلقت أبوابك في وجه حنيني الصارخ، وقتلتني مجدداً حينما كنت أرمق شرفتك وأقرعها بذبول لعلي ألمح بصيص أمل يقودني إليك يجمعني بك يُعيدني إليك بينما كانت كل شرفاتك مؤصدة، أغلق في وجه حنيني كل أبوابك يا حبيب العمر ! حطّم ذكرياتي إقتلع صوتي من دمك وإجتث أسمي وعنواني أمسي وعشقي الجارف لك من بين أضلعك وأقذفها جميعها في محرقة النسيان إن شئت، أشطب كل قصائدي من ذاكرتك مزّق أوراقي وأنغمس ثملاً في حانة الغاويات من النساء إن أردت، ولا تأبه لعشق امرأة كانت آخر شهداء الهوى الذين دونهم التاريخ ! لا تأبه لحب امرأة لن تهبك الأيام كمثله حب وإن سافرت لكل العصور السالفة والقادمة ! ودعني أنا .. دعني أغتسل من خطيئة عشقك الآثم ، دعني أطبب جراحي وحيدة، دعني أرمم ما تبقى من روحي الهشة، دعني أفيق من غيبوبتي شيئاً فشيئاً وأقف مجدداً بشموخي الأزلي دون أن أحتاج لكتفك لأتوكأ عليها وهي التي اعتادت أن تهوي بي في جحيم الأسى دونما اكتراث!. نجلاء حسن - السعودية