الشارع يحتاج لشاعر حقيقي له دور ريادي يهبه شيئًا من قبس الشعر، فيرتفع على أكتافه ليرى القاصي والداني مواجع الشارع، وهو في غنى عن الحاجة لشاعر دوره يتمثل في افتراش الرصيف، وتقمص دورالمشردين، وإبتذال لغة الوجع والشعر. اختلاط الشعر ببعض لغة الشارع خصوصًا المتلبسة بالقذارة، يمحو الهالة المحيطة بالشعر، فتصبح القصائد مجرد أرصفة تلعق الأحذية ويُخيّل للبعض أن في هذا يكمن وهجها، وقربها (المفترى) من الإنسان و بيئته!. والحقيقة أن الانغماس في لغة الشارع المتدنّية لن يخدم الشارع، ولن يقدم له حقوقه، ولن يخدم الشاعر ولاالشعر، وليس مطلوبًا من الشاعر بعد الصدق إلا لغة تصقل الشارع بآداب الشعر، وفنون الرقي في لفت النظر للشارع، فالوجع لابد أن يُكتب بلغة يحتاجها الإنسان لتخفف عنه وجعه، أو لترسم على محياه بسمة منبعها الطرفة أو تحسّن الظرف. والذي يحتاجه الشارع من عبدالمجيد الزهراني الشاعر التوغّل في أدرانه على أن يخرج منه وثوبه بغير البياض لم يتلوّن هذه هي حاجة الناس الماسة، والمطلب الأساسي للشعر، فعبدالمجيد صاحب تجربة عميقة يميّزها حدّة الإحساس، وهو يحسن بناء اللغة التي يتواصل من خلالها مع الناس من ناحية الجانب اللغوي والفني، والسر في هذا الشاعر اللوحات الفنية والصور المليئة بالحيوية والحركة البعيدة عن الجمود والمستوحاة من حياة الناس البسيطة، وهو متمكن من قالب ألفاظه التي لها دلالات الحالة المراد التعبير عنها بعيدًا عن تشويش المتلقي بزخرف القول. يقول : الا يا موطني كل الدرايش حزنها وافي احسّ انّ الجهات اشواك احسّ انّ النظر حافي ويقول: نفخت الحبر في هذا الورق تدخين رميت ايدي لكبريت السطور اعواد أخذت اسأل حقول النفط والتخمين هو البرميل والاّ الدمع سعره زاد؟.. وله أيضًا: يالحبيبة, ياجنوني , يامتاعي يا الطريق اللّي على رجلي مشا