وأطل علينا شهر الصوم بنفحاته الإيمانية، فالحمد لله ان بلغنا رمضان.. شهر القرآن، شهر الصوم، شهر الدعاء والتوبة والمغفرة والعتق من النار، فكيف لا يغتنم المسلم خيره ويتزود من موسم الخيرات وخير الزاد التقوي، مصداقا لقوله تعالى:(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) وقول الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر). فعجب بعد ذلك لغافل ومتغافل ومتكاسل في هذه المدرسة الايمانية ونفحاتها في الشهر الفضيل والتهاون في العبادات وسوء المعاملة والأحرى بكل مسلم ان يتزود من هذا المعين الصافي ويحصن نفسه بزاد التقوى ليغالب النفس ويغلبها لترك المعاصي والمسارعة الى الخيرات واردد هنا قول الشاعر: خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى وأصنع ك ماش فوق الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى هذا حال الانسان في الدنيا، إنما حسناته وسيئاته هي حصاد اقواله وافعاله وبقدر حرصه على التقوى في سره وعلانيته. قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وللشاعر: وخير خصال المرء طاعة ربه ولا خير فيمن كان عاصيا إن الله تعالى وعد المتقين بجنات النعيم وبركات في الحياة، وهذا الخير إنما هو ثمرة الإيمان وصدق العمل به، إنهما جناحان عظيمان للفلاح في الدنيا والآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فكيف يحرم الإنسان نفسه خير رمضان، فما نراه في عصرنا هذا من غضب قاتل وانحرافات وسوء معاملة وظلم وجشع وغلاء وأكل الحقوق، وضعف التراحم وتهاون في صلة الارحام، والانشغال عن بر الوالدين ، وتراجع دور التربية، والجري المميت للقلب وراء المادة، إنما كل ذلك مؤشر على الابتعاد عن الطريق القويم بينما الخير كل الخير عاجله وآجله، بين ايدينا وفي نفوسنا بالتقوى ومخافة الله. وإذا كانت الحياة والعيش تكلف الكثير من المال والجهد وتسرق الاعمار وترهق الابدان وتشوه النفس، فان التقي هو السعيد بصدق العبادات وحسن المعاملات وحفظ الجوارح . قال صلى الله عليه وسلم :(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) فماذا ننتظر ونحن في طريق الحياة عمل بلا حساب ، وغدا حساب ولا عمل، وكل نفس بما كسبت رهينة كما قال الحق تبارك وتعالى. ورسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، لنا فيه القدوة الحسنة، وقد حدد منهاج الحياة للمسلم في الحديث الشريف (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه) وشهر رمضان فيه كل هذا الخير ، وكم نحن بحاجة الى هذه الصالحات، وبهذا نحيي تعاليم وقيم الاسلام الحنيف في حياتنا أفرادا وأسرا ومجتمعا وبها تسمو الأخلاق والتنشئة، والاجتهاد في الحياة والعلم والعمل. وكما قال أحدهم : لا تحدثني عن الدين إنما دعني أراه في سلوكك. اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ودعاءنا، ووفقنا لما تحبه وترضاه، وكل عام والجميع بخير. للتواصل 6930973