كل دول العالم المتقدمة تضع قضية المدير الناجح في صدر اولياتها بالتوازي مع منظومة التنمية الشاملة والهادفة ومن خلال مفهوم عصري يتجاوز المفاهيم القديمة للادارة البيروقراطية. لقد ادرك الذين ركبوا قطار التقدم منذ سنوات ان المفهوم الصحيح للتنمية الادارية ليس مجرد فرص عمل جديدة او توفير خدمات ضرورية وانما المهم هو تدريب وتأهيل الكوادر الادارية من ناحية وتربية وبناء الكوادر القيادية من ناحية اخرى. وهذا المفهوم المتطور للتنمية الادارية يرتكز الى هدف واضح المعالم هو الاطمئنان الى توفر الرصيد الكافي من القادة القادرين على حمل الراية في كل مواقع العمل والانتاج بكفاءة واقتدار. وفي اعتقادي ان هناك ايمانا صادقا اننا مطالبون وبأسرع ما يمكن فيما بعد عملية التصحيح قصة المدير الناجح موضع التنفيذ حتى نستطيع ان نضمن خلال زمن قصير ان ننتقل من دهاليز الروتين المكتبي الى آفاق القدرة على مجاراة فترة ما بعد التصحيح لاحلال العمالة الوطنية في القطاعين العام والخاص وتكون الادارة الناجحة مشاركة في تحقيق اهداف سياسية للتصحيح. لعلي اكون اكثر صراحة في هذه النقطة تحديدا وأقول الحديث عن الحاجة الى تنمية ادارة لا تنقطع سواء كان ذلك في داخل اطار القطاع العام او في داخل القطاع الخاص فالمواطنون الذين يدخلون من بوابة مرحلة ما بعد التصحيح يجدون انفسهم يتعاملون مع اجهزة القطاعين لاتزال تعيش في عالم الروتين القديم الذي يمارس الاجراءات المعقدة والقوانين المتضاربة المليئة بالثغرات. والادهي والامر من ذلك كله ان هذه اللوائح والنظم يتولى مسؤولية تنفيذها بعد فترة مرحلة التصحيح "بيروقراطيون" حسب الترتيبات التقليدية ولم يسع احد منهم لشغل وظيفته عن اقتناع وبعد حصاد تجربة وخبرة. اذن فان نقطة البداية فيما بعد مرحلة التصحيح تكمن في ضرورة التوفيق في اختبار القيادات الادارية في القطاعين العام والخاص المؤهلة التي تستطيع ان تحقق اهداف مرحلة ما بعد التصحيح وتنزع عن كاهل هذين القطاعين تراكمات وموروثات عميقة ارهقت دورة العمل وارهقت المواطنين الذين عاشوا غرباء في سوق العمل قبل فترة التصحيح ولكي اكون اكثر تحديداً فانني اقول صراحة ان الجهاز الاداري الذي سيدير او بدأ نقلا في ادارة وتنفيذ سياسات بعد التصحيح يحتاج الى وضع اسس بناء ادارة حديثة تركز على كيفية العثور على الاعداد والانواع المطلوبة من العاملين الاكفاء ثم كيفية توفير الظروف الملائمة التي تمكن العاملين من النجاح في اداء مهامهم على الوجه الاكمل محققين اهداف مرحلة ما بعد التصحيح. ففي اطار ما سبق نجد ان بناء ادارة ما بعد التصحيح تتطلب وجود برنامج وان من أهم مهامه ليس مجرد انجاز المستهدف تحقيقه فحسب وانما القدرة على استمرار اكتشاف المواهب والكفاءات التي تتوافر فيها مواصفات القدرة على القيادة في مرحلة ما بعد التصحيح ودفعها الى خوض تجربة وطنية لملء السوق السعودية بالمواطنين السعوديين في القطاعين (العام والخاص) لتحمل المهام الادارية المختلفة لإكسابها روح الثقة في النفس التي تؤهل لسرعة اكتساب ثقة افراد العماله الوطنية وبما يفرز افضل الاجواء الايجابية في مرحلة ما بعد التصحيح التي تدفع جميع العاملين لاعطاء افضل ما عندهم في تحرير السوق السعودية وملئها بالسعوديين. وفي اطار ما سبق يمكن القول بان ادارة ما بعد مرحلة التصحيح يجب ان تكون انعكاسا لقرارات الدولة الناجحة مدعومة بمدير ناجح الذي يمكن الاشارة له وان يعدد فضائلهم ومزاياهم في فهم فلسفة كلمة التصحيح. من هنا فان الحكمة في مرحلة ما بعد التصحيح التي اضاءت الانوار في ربوع اسواقنا السعودية أن تجيء عملية ادارة جديدة بمدير ناجح يؤمن بتوطين العمالة السعودية حيث يعكف على دراسة وحساب جميع جوانب قراراته بكل دقة قبل اصدارها لكي نأتي في النهاية تعبيراً عن الاتصال بواقع سوق العمل السعودي الجديد وليس مجرد اصدار قرارات عشوائية دون مشاركة الجهاز الاداري في القطاعين (العام والخاص) وفروعه في صنعها لكي تحقق اهداف سياسة التصحيح وخاصة في مرحلة ما بعد انهاء التصحيح الكامل. ومع مسيرة قطار ما بعد مرحلة التصحيح ما أحوجنا الى مدير ناجح يقود هذا القطار ويزيد سرعته ويحمل معه في هذا الإطار الاهداف الجميلة لفلسفة السعودة الكاملة في سوق العمل وهذا هو التحدي الحقيقي في مرحلة ما بعد تحرير السوق من العمالة الوافدة وفتح ابوابه على مصراعيها للشباب السعوديين بين ارضيته القادرة الادارية والتكافل التنافسي في مواجهة عالم تتلاحق متغيراته وتنبدل حساباته وتتغير تحالفاته بسرعة مذهلة في الفضاء.