ما أجمل الذكريات التي تجمعك برجال تحبهم ويحبونك.. وما أسعد الأيام التي حين تتذكرها تجعلك في سعادة غامرة.. تفخر وتشعر بالاعتزاز كلما تذكرت موقفا أو جلسة جمعتك بأولئك الرجال المخلصين الأوفياء. رحم الله السيد حبيب محمود أحمد الرجل الكريم الذي ستظل اعماله ومواقفه في سجل الرجال اصحاب العطاء السخي.. واصحاب المواقف الخالدة.. واصحاب الجهد الوفير في شتى المجالات العلمية والثقافية والتربوية. ومن بين هذه الذكريات الجميلة التي تعيد ذاكرتنا الى ايام زمان ذات الطابع الجميل الاصيل.. ذات يوم ذهبت في زيارة لمدرسة العلوم الشرعية لمقابلة رئيسها السيد حبيب محمود احمد وهو احد وجهاء المدينةالمنورة.. رجل احب الخير للجميع.. فاحبه الجميع.. دخلت على مجلسه في مكتبه وكان موجودا معه الاستاذ اسعد خليل مدير البريد بالمدينةالمنورة والاستاذ اسعد شيره مدير الاوقاف بالمدينة حين ذاك.. وامضينا وقتاً طيباً في الحديث عن المدرسة وخريجيها الذين اصبحوا من كبار المسؤولين والشخصيات العامة في الدولة والمجتمع. هذا الحديث الذي اسعدنا جميعا ونحن نتذكر اجمل الايام بما تحمله من ذكريات تفوح منها رائحة الورود.. ذكريات لو تمعن فيها الجيل الحالي والاجيال القادمة ستكون لهم دروسا في المعرفة والثقافة. لقد كان السيد حبيب محمود احمد مدير المدرسة الشرعية في المدينةالمنورة بعد وفاة مؤسسها عمه المرحوم السيد احمد الفيض ابادي.. وكانت داره ومجلسه تستقبل الضيوف والزائرين القادمين للمدينة المنورة.. كما كان يقصدها في معظم ايام الاسبوع جمع كبير من اهالي المدينةالمنورة.. ونظرا لمكانته في المجتمع ومشاركته الايجابية الفاعلة في بناء الوطن فقد اسندت الى السيد حبيب العديد من المناصب والمهام خاصة اشرافه على شؤون الحرم الشريف ورئاسته لمجلس الاوقاف الاعلى.. وكان السيد حبيب قارئاً جيداً شغوفاً بالكتاب وهو ما جعله ينشئ مكتبة جمعت ذخائر الكتب ونفائسها وشهدت له على حبه العلم والمعرفة ويؤكد على تغلغل الجانب العلمي والفكري والأدبي في شخصيته.. لم لا وهو الذي نشأ في أسرة علم ومعرفة. عرف السيد حبيب بالسماحة والصبر والمثابرة واحترام رأي الآخرين وخاصة ممن كانوا اكبر منه سنا وقت كان في ريعان شبابه وحتى في كبره.. احب الشباب ورعاهم فتعلموا منه حب العمل والوطن والمساهمة في بناء المجتمع.. كان دائم السؤال عن الناس في المحن والازمات.. يساعد ويساهم في حل المشكلات حتى رحيله بعد عمر امتد لنحو ثمانين عاما. ولأن السيد حبيب رحمه الله نشأ في أسرة طيبة اهتمت بالدين والعلم حيث كان اعمامه رجال علم ودين.. وكان والده من علماء المدينةالمنورة فنهل السيد حبيب من أسرته ووالده علوم الحياة وأصول الدين وحفظ القرآن عن ظهر قلب. وحين تولى السيد حبيب إدارة مدرسة العلوم الشرعية عمل على تطوير وتقدم مسيرتها فرفع مكانتها واعلى شأنها وهيأ لها ظروف التطور والرقي من خلال امكاناته العلمية والمادية والاجتماعية وعمله الدؤوب وجهده الوفير لتحقيق الاهداف التعليمية والمقاصد التربوية. لقد تميز السيد حبيب رحمه الله برجاحة العقل وحسن التصرف مما اهله لتولي الكثير من المسؤوليات والاعمال التي بذل خلالها جهدا كبيرا فترك في كل منها بصمة مضيئة. ولذلك يتذكره الناس في المملكة بكل الحب والخير والاعتزاز بعد مرور نحو 12 عاما على وفاته رحمه الله. هكذا كان السيد حبيب رحمه الله تاريخا طويلا ومسيرة حافلة بالعطاء لن ينساها الناس او الوطن ابدا.. ذلك هو تكريم الرجال المخلصين الذين اعطوا لبلدهم بلا حدود وبذلوا من اجل رفعته الجهد والعطاء. الرجال الذين يصنعون امجادهم بأيديهم.. يظلون في الذاكرة طوال الوقت وفي القلوب طول الزمان.. والشخصيات التي تبني صرحاً من القيم والمبادئ لتتعلم منها الاجيال جيلا بعد جيل الدروس والعبر.. تظل هي القدوة والمثل سنين طويلة. رحم الله السيد حبيب وستبقى ذكراه وسيرته العطرة في القلوب والوجدان دائما. للتواصل: 6930973