بنى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بجامعة الدول العربية في مارس 2014م مبادرة السودان لتحقيق الأمن الغذائي العربي وتوفير الدعم للمشروع العربي بتخصيص 20 % من موارد الصناديق الإنمائية العربية لتنفيذ المبادرة السودانية وتكليف إحدى الشركات الألمانية الكبرى المتخصصة في المشروعات الزراعية والحيوانية لإعداد الدراسات الفنية والاقتصادية واللوجستية المتكاملة، للمشروعات التي ستتم إقامتها في السودان وتخدم الأمن الغذائي العربي، والتي تقدر تكلفتها بنحو 20 مليار دولار. وبين مسؤول بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية أن دولة السودان تكفلت بتوفير مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية لإنتاج الحبوب والبقوليات والمنتجات الزراعية المختلفة لمتطلبات الاستهلاك العربي إضافة إلى مشروعات الثروة الحيوانية وإنتاج الألبان وأن دعم المجلس الاقتصادي والاجتماعي لن يتوقف على تخصيص 20 % من موارد الصناديق الإنمائية العربية فقط لدعم المبادرة السودانية لتحقيق هدف الاكتفاء الذاتي العربي من الغذاء، ولكن سيتم تحفيز المستثمرين ورجال الأعمال العرب على الاستثمار في المشروعات الكبرى الزراعية والحيوانية في السودان، خاصة أن الدول العربية من أكبر المستوردين في العالم للسلع والمواد الغذائية، وتقدر وارداتها سنويا بأكثر من 50 مليار دولار، وستساهم الجامعة العربية في الدعم الفني لتوفير البنية التحتية للمشروعات من طرق ووسائل انتقال وكهرباء وغيرها، بعد أن تعهد السودان بتوفير مساحات زراعية كبيرة تحقق الهدف من تحقيق الأمن الغذائي العربي. وكان الاجتماع الاستثنائي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية قد خلص في يناير 2014م إلى تنفيذ مبادرة الرئيس السوداني عمر البشير الرامية لتحقيق الأمن الغذائي العربي، حيث دعا مؤسسات التمويل والشركات العربية إلى تخصيص نسبة لا تقل عن 20% من رؤوس أموالها لدعم مبادرة البشير لسد الفجوة الغذائية. وطالب الاجتماع,الذي استضافته الخرطوم,القطاع الخاص بالإسهام الفاعل في تنفيذ المبادرة والتوسع في الاستثمار الزراعي بالتركيز على صوامع الغلال وتخزين الحبوب واللحوم والأسماك والنقل والتعليب وتعبئة الخضار والعمل على إنشاء شركات عربية قابضة. وطالبت الخرطوم بتقديم تقرير مرحلي إلى المجلس الاقتصادي عن التقدم المحرز في تنفيذ المبادرة. وقرر المجلس تكليف الأمانة العامة,القطاع الاقتصادي,بالتنسيق مع السلطات السودانية لعقد اجتماعات مع المؤسسات والهيئات العربية ورجال الأعمال العرب للترويج للمبادرة وتنفيذ مشروعات منتقاة في مجال الاستثمار الزراعي والصناعي. ورحب بجهد السودان في تحسين بيئة الاستثمار وتهيئة المناخ الملائم لتنفيذ المبادرة، بجانب ترحيبه بالاتفاق الذي تم بين السودان والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، لوضع دراسة متكاملة تتضمن برنامجا وخطة عمل شاملة لتنفيذ المبادرة واتفاق التعاون بين السودان وشركة البورصة العربية المشتركة القابضة في إطار تنفيذ المبادرة. وكان الاجتماع الاستثنائي قد بدأ أعماله من أجل مناقشة مبادرة الرئيس السوداني عمر البشير، والذي عبر فيها عن استعداد بلاده لسد الفجوة الغذائية العربية. وقال البشير في فاتحة أعمال المجلس إن السودان يمتلك من الموارد والمقومات ما يحقق الأمن الغذائي العربي ويسد فجوته الغذائية، مشيرا إلى أن ذلك (لن يكون مكتملاً إلا بعمل عربي مشترك وفعال، وبنظرة استراتيجية تأخذ في الاعتبار أن توفير الغذاء مطلب حيوي ملح). وتشير إحصائيات المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى أن الوطن العربي يضم أراضي مستغلة للزراعة الموسمية تمتد على مساحة 44 مليون هكتار، 24% منها أراضي مروية و76% أراضي مطرية، وهنالك نحو 17.6 مليون هكتار من الأراضي غير المستغلة، فضلا عن موارد مائية تقدر بنحو 245 مليار متر مكعب بحسب إحصائيات 2010م. وكان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي قد قال إن الفجوة الغذائية في المنطقة تعتبر من أخطر مهددات الأمن القومي العربي. وتشير بيانات الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي إلى أن نسبة الاكتفاء الذاتي في الدول العربية بلغت في أقصاها وفق إحصائيات 2010 نحو 87.8% في اللحوم الحمراء وأدناها نحو 26% من المحاصيل السكرية. كما دعا محمود الصلح الأمين العام للمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (أيكاردا) الدول العربية في مارس الماضي إلى رفع إنتاجها من الحبوب بنسبة 20% لتحقيق أمنها الغذائي. وأضاف أن واردات العالم العربي من الحبوب بلغت في 2010 م قرابة 65 مليون طن، وهو ما يجعل المنطقة أكبر مستورد للحبوب في العالم. ويعتبر السودان من أغنى الدول العربية والإفريقية بثروته الحيوانية والتى تقدر فيه أعداد حيوانات الغذاء (أبقار أغنام ماعز إبل) بحوالى 103ملايين رأس (30 مليون رأس أبقار، 37 مليون رأس أغنام، 33 مليون رأس ماعز، 3 ملايين رأس من الإبل)، إضافة ل 4 ملايين رأس من الفصيلة الخيلية، 45 مليون من الدواجن وثروة سمكية تقدر بحوالى 100 ألف طن للمصائد النيلية و10 آلاف طن للمصائد البحرية، إلى جانب أعداد كبيرة مقدرة من الحيوانات البرية. وتوفر الثروة الحيوانية الأمن الغذائى للسكان فى مجال اللحوم ,وأكثر من 60% من الاحتياجات من الألبان ومنتجاتها، بجانب توفير الطاقة والجهد والنقل، ويستخدم الروث كسماد. وتقدر قيمة هذه المنتجات بأكثر من 4 مليارات دولار سنويا، بالإضافة إلى توفير هذا القطاع العيش الكريم لحوالى 40% من سكان السودان بصورة أو أخرى. والتنوع الكبير فى البيئات الطبيعية والمناخ أدى إلى توزيع هذه الثروة فى كل أنحاء السودان وبالتالى فان السودان يمتلك ثروة ضخمة فى مجال الثروة الحيوانية حيث تعتبر مرتكزاً مهماً للأمن الغذائى وقاعدة اقتصادية وتنموية متينة.