كان عنده دكان صغير معروف في السوق يجلس فيه ويضع لوحا من الخشب يفرش عليه اعواد نبات البرسيم ويضع عليه البقدونس والكزبرة والجرجير والخس والفلفل والليمون والكرات والنعناع ، رجل كبير في السن من اهل البلد كثير الحمد كثير الشكر لرب العزة والجلال ، صحته تمام ما شاء الله اذهب اليه كلما أحتجت شراء هذه الاشياء قلت له ذات يوم يا عم لماذا لا تكبر الدكان وتزيد في الانواع من الفواكه والخضروات المختلفة وتحضر عاملا يساعدك، ابتسم الرجل وقال لي الحمد لله رب العالمين انا راضي بهذا الرزق وسعيد والدخل يكفيني وزوجتي وبناتي ، وطيلة حياتي لم احتاج لاحد ولم اخذ الدين من احد ولم امد يدي لاي مخلوق والصحة تمام والعيشة تمام، وكما ترى الله سبحانه وتعالى كافيني وانا راضي بهذه القسمة اتغذى وانام واصلي العشاء وانام وليس لدي ما يشغلني او افكر فيه والله مقنعني بهذا الوضع قلت له بارك الله لك في عملك وزادك من القناعة والبركة وكان هذا درسا نظريا وعمليا من هذا الرجل لا أنساه أبدا. وقال تعالى في محكم كتابه الكريم (وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى* الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى* وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى* إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى* وَلَسَوْفَ يَرْضَى) الليل 17 -22 وقال سيد البشر اجمعين رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا ايها الناس هلموا الى ربكم ، فان ما قل وكفى خير مما كثر والهى". وقال علي بن ابي طالب رضي الله عنه: ابلغ باليسير فكل شيء من الدنيا يؤول الى القضاء وقال ابوفراس الحمداني: ما كل ما فوق البسيطة كافيا واذا قنعت فبعض شيء كافني وقال شاعر آخر : وخذ من الدهر ما اتاك به من قرعينا بعيشه نفعه وقال شاعر آخر : فلا تغبطن المترفين فانهم على حسب ما يكسوهم الدهر يسلب وقالت الحكمة : سبحان من ارضى العباد بما اراد فياسادة يا كرام دعونا نعلم ابناءنا القناعة والرضى بما قسمه الله تعالى لهم ونذكرهم بقوله تعالى في محكم كتابه "فاما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية" القارعة 726 ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. للتواصل - ص. ب 198 - مكة المكرمة