منذ وعينا على الدنيا ونحن نسمع بأن "الرجال شايل عيبه"، وكأن المجتمع يرفع السوط على المرأة معاقباً لها ومحذراً إياها من ارتكاب أي جرم أو جريرة كبرت أم صغرت، كي لا تلحق العار على نفسها، وعلى سمعة أهلها، ومتساهلاً مع شقيقها الرجل! وكأنما العيب لا يخرج إلا من المرأة، وكأن الحرام لا تمارسه إلا الأنثى، ولا بأس إن ارتكب الرجل حراماً أو تجاوز الأدب وقام بما يعيب ويشين، فهو في النهاية كما يقولون "شايل عيبه". مثل شعبي يعطي الرجل العذر في القيام بما يحلو له، ويوفر له الغطاء المجتمعي المتقبل لكل أخطائه، وينشئ الصغار من الذكور على مبدأ "إن كنت رجلاً فلا بأس من أن ترتكب العيب والحرام"، فالله رحيم تواب غفور، والناس سوف تنسى زلتك وتسامحك، وفي المقابل الويل والثبور إن ما كنت فتاة وتجرأت وقمت بذات العيب والفعل الحرام، فلا الأهل سيتسامحون ولا المجتمع سيضعف أو يفقد ذاكرته، عندها يكون الله شديد العقاب! أليس القرآن الكريم واضحاً وآياته صريحة؟ هل جاء فيه ما يدعو إلى التساهل مع الرجل والتشديد والتغليظ على النساء؟ هل وجدنا من بين آيات الله عز وجل ما يشير إلى أن العقاب سيكون للنساء، وسيُرفع عن الرجال القلم؟ الرجل والمرأة سواسية عند من خلقهما، والجنة لم تخصص للرجل، ولم تكن النار وجحيمها حكراً على النساء، فكل نفس بما كسبت رهينة. تربية الأجيال المتعاقبة على هذا المثل تدمر الأخلاق، وتشجع الذكور على ارتكاب الخطأ، ما دام المجتمع سيغفر له زلته، وسينسى خطيئته، حينها لن يجد ما يمنعه حتى من الإتيان بالفاحشة. ما دام هناك من سيساعده على طي صفحته السوداء من حياته وإلى الأبد، أما إن كانت فتاة أو امرأة ستبقى تلك الصفحة، الصفحة الوحيدة الباقية التي تُعرف بها ويتذكرها الناس، حتى وإن تابت، وواصلت ليلها بنهارها في العبادة وقراءة القرآن. ليست دعوة لإعطاء المرأة الغطاء المجتمعي الذي يبيح لها ارتكاب الخطيئة، وإنما دعوة لإزالة هذا الغطاء عن الرجل، فلا نعطيه العذر الذي يشجعه لارتكاب الفواحش فقط لكونه رجلاً، بل علينا أن نكون صارمين على الرجل كما المرأة فالعيب عيب، والحرام حرام سواءً كان صادراً من امرأة أو رجل، فليس هناك من يشيل عيبهما. ياسمينة: نحن قوم لا نرى الخطأ إلا عندما تمارسه المرأة.