أغلقت مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الأفغانية أبوابها فيما يعتبر أول واقعة في تاريخ البلاد لانتقال السلطة بشكل ديمقراطي. وشهدت الانتخابات الأفغانية إقبالا كبيرا من جانب الناخبين لاختيار رئيس جديد خلفا للرئيس المنتهية ولايته حامد كرزاي. ورغم التهديدات السابقة من حركة طالبان إلا أن العملية الانتخابية تمت بدون معوقات تذكر باستثناء بعض الحوادث في بعض مراكز التصويت. وكانت حركة طالبان قد توعدت باستهداف اللجان الانتخابية والعاملين فيها والناخبين بسبب ما قالت إنه مؤامرة غربية ضد البلاد. لكن لم تسجل هجمات تذكر خلال اليوم في اغلب أنحاء البلاد. وبلغ عدد اللجان التى أدلى الناخبون فيها بأصواتهم أكثر من 6 ألاف لجنة فرعية. وانتشرت قوات الأمن في أرجاء العاصمة كابول والأقاليم الأفغانية كافة بهدف منع أي هجوم محتمل تشنه حركة طالبان التي تعهدت بعرقلة الانتخابات. وشهدت الانتخابات اختيار مرشح في السباق الرئاسي علاوة على انتخاب أعضاء المجالس المحلية في 34 إقليما أفغانيا في الوقت نفسه. وقال مراسل "بي بي سي" في كابول، ديفيد لوين، إن الكثير من الناخبين اصطفوا أمام مراكز الاقتراع منذ ساعات الصباح الأولى، حتى قبل بدء موعد الاقتراع. ويتنافس ثمانية مرشحين لخلافة الرئيس حامد كرزاي الذي يمنعه الدستور من السعي لشغل المنصب لفترة ثالثة على التوالي. وأكد كرزاي عقب إدلائه بصوته أهمية هذه الانتخابات. وقال إنه "يوم مهم جدا لتحديد مستقبل دولتنا حيث ينتخب شعب أفغانستان رئيسا وأعضاء مجالس الأقاليم عبر الاقتراع السري". ووقعت بعض أعمال العنف تزامنا مع بدء عملية الاقتراع، حيث أفادت شرطة إقليم خوست الحدودية بسقوط صواريخ أطلقت من باكستان على الأراضي الأفغانية. كما قتل ناخب وأصيب أخران في انفجار استهدف مركز اقتراع في إقليم لوغار جنوب البلاد. ويخوض المنافسة في الانتخابات ثمانية مرشحين، أبرزهم ثلاثة وزيرا الخارجية السابقين عبد الله عبد الله، وزلماي رسول، ووزير المالية السابق أشرف غاني أحمدزاي. وقام عبد الله بحملة واسعة، فيما يتمتع غاني بدعم قوي في صفوف الشباب بالمناطق الحضرية. أما رسول فيبدو أنه المرشح المفضل لدى الرئيس كرزاي. ومن غير المتوقع أن يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50 في المئة من الأصوات، وهي النسبة المطلوبة للفوز من الجولة الأولى، وهو ما يعني إقامة جولة ثانية يوم 28 مايو/ أيار المقبل. وأبدى مراقبون دوليون تفاؤلا متزايدا بأن إحكام الأمن وعدد الضمانات الجديدة ضد التزوير سيجعل هذه الانتخابات أكثر نزاهة من أي اقتراع شهدته أفغانستان، بحسب مراقبين. وكانت السلطات قد حظرت على المواطنين إرسال رسائل نصية قصيرة عبر الهواتف المحمولة حتى موعد إغلاق الصناديق مساء السبت بهدف منع استخدام هذه الخدمة للدعاية في آخر لحظة. وبدأت أكبر عملية عسكرية في أفغانستان منذ سقوط نظام حكم طالبان في عام 2001 لتأمين الاقتراع، وفقا لما ذكره مراسلنا. ومنعت السلطات دخول المركبات إلى كابول منذ منتصف يوم الجمعة، فيما أقامت قوات الشرطة نقاط تفتيش عند كل تقاطع. ونشرت السلطات 400 رجل أمن لتأمين الناخبين أثناء عملية الاقتراع، حسبما أعلن مسؤولون. وكانت الفترة التي سبقت الاقتراع الأشد دموية منذ سقوط طالبان، حسبما توضح ليز دوسيت، كبيرة المراسلين الدوليين في بي بي سي. فقد شن مسلحون هجمات على مقر وزارة الداخلية شديد التحصين، والمجمع الرئيس للجنة المستقلة للانتخابات، وفندق سيرينا الفخم. لكن يبدو أن العنف أدى إلى تقوية عزيمة الأفغان على المشاركة في عملية الاقتراع، بحسب مراسلتنا. وأظهر استطلاع للرأي، أجرته "مؤسسة الانتخابات الحرة والنزيهة"، أن أكثر من 75 في المئة من المشاركين يعتزمون التصويت بالرغم مما يشاع عن تراجع الثقة في العملية الانتخابية.