كتبت في مقال سابق عن الطلاب واللغة العربية بعنوان " وا لغتاه" ، وقد وردني من أحد المعلمين حفظه الله رسالة ينبهني فيها بأنه لا يكفي فقط تطوير المناهج بل لابد من تطوير المعلم أيضا ، فهو يرى أن التقويم المستمر والمنهج الشامل أو المناهج المطورة ذات جودة عالية ، ولكن المشكلة تكمن في تطوير وتدريب المعلم. إننا نتفق معه في هذه الجزئية ، وهي أن المعلم هو الأساس في بناء التعليم ، فبدونه لن تصل المعلومات والمفاهيم إلى الشريحة الأكبر من الطلاب ، ولذلك نحتاج إلى أن نركز على عدة نقاط مهمة: أولا : لابد من ترسيخ قناعة لدى المعلم بأنه يؤدي دور مهم في المجتمع ، فهو كالطبيب ولكنه طبيب للعقول، ونقترح في هذا المقام أن يكون هناك قسم أو ميثاق شرفي للمهنة مشابه لميثاق الطبيب أو المحامي أو الصحفي. ثانيا: لابد من يكون هناك معايير قوية لاختيار واجتياز المعلم كما هو الحال مع الطبيب ، وفي مقابل ذلك يعطي مزايا وعلاوات وبدلات ، فتلك محفزات مهمة ، لأنه لا يقل شأنا و أهمية عن الطبيب ، بل إن طب العقول لا يقل أهمية عن طب الأبدان. ثالثا : البرامج والدورات لابد أن تكون تطبيقية حتى لا يضيع الجهد والوقت والمال في التنظير، وقبل انطلاقها لابد أن يقع الاختيار على النخبة التي تدرك أنهم يحملون رسالة مهمة و سامية. و أن يكونوا رسلا ورائدين في التطوير حتى يقتدي بهم في مدارسهم. رابعا: لابد من التبني الرسمي الفعال ، والمتابعة لمثل هذه البرامج التطويرية ، فالجهود والمبادرات الفردية لا تكفي ، ولابد أن يكون التطوير في كافة المراحل ، ولكننا نشدد وبقوة على تطوير معلمي مرحلتي الابتدائي والمتوسط لأن التلاميذ في هذه المرحلة خامة مناسبة لزراعة الأفكار والمفاهيم ، ولابد للمعلمين من دورات متخصصة و مكثفة في التربية وأساليب التعليم والتعامل مع البراعم ، وأكد الطنطاوي رحمه الله على أهمية تلك المرحلة من خلال خبرته في التدريس والتي امتدت لخمسين سنة حيث قال : " إن ضعف معلم الابتدائي لا تصلحه قوة مدرس الثانوي ولا أستاذ الجامعة ".ألم يحن الوقت لنهتم بطبيب العقول كاهتمامنا بطبيب الأبدان ؟! [email protected]