وباء انفلونزا الطيور سريعا ما يظهر في بعض البلدان ليخمد ليعاود الظهور من جديد في بلد آخر، فما هو وباء انفلونزا الطيور العالمي وما مدى خطورته وهل من الممكن ان تصيب الانسان واعراض المرض وما هي الاحتياطات الواجب اتخاذها عند الاصابة وهل هناك لقاحات لمواجهة المرض. في البداية يحدثنا د. احمد محمد عشي استشاري الفيروسات ومدير المختبر وبنك الدم ومختبر اطفال الانابيب واستاذ فيروسات غير متفرغ بكلية الطب والعلوم الطبية بجامعة ام القرى بمكة: وباء الانفلونزا العالمي وما مدى خطورته الانفلونزا هو مرض فيروسي خطير يصيب الإنسان والحيوان وتكثر الاصابة به في فصل الخريف والشتاء وينتج عنها نزلات برد تشبه نزلات البرد العادية والرشح والزكام. توجد اعداد كبيرة جدا من الفيروسات المسببة للانفلونزا، وتنتمي جميعها إلى فئة «المكسوفيريديا»، وتعني باليونانية "اللزوجة" أي مقدرة الفيروس على الالتصاق بسطح الجلد. ومن خصائص الفيروس القدرة على إحداث طفرات تؤدي لظهور سلالة جديدة، لا يملك البشر مناعة ضدها، بحيث يحتاج الجهاز المناعي لتصنيع أجسام مضادة غير الأجسام المضادة التي تم تصنيعها في إصابات أخرى وإجبار الجهاز المناعي مقاومتها، وبالتالي التسبب بإمراضه. لذلك تتضافر الجهود على مستوى العالم من خلال التعاون مع منظمة الصحة العالمية لعزل الفيروس في بداية فصل الشتاء والتعرف على نوع السلالات المنتشرة وعزلها، والاستعانة بها عند تحضير الأمصال الواقية للفيروس بشكل مستمر، علما بأن التغير الذي يحدث في الفيروس على نوعين هما «شفت» و«درفت». شفت تعني اختلاط المادة الوراثية لهذا الفيروس مع مادة وراثية لفيروس آخر، مسببة بذلك ظهور نوع فيروسي جديد مختلف عن النوعين الآخرين، وبالتالي تتكون مناعة مضادة ضده ولا تتوفر لقاحات للوقاية منها. ويطلق على الانفلونزا التي تصيب الطيور مصطلح «أفيان» أو انفلونزا الطيور أو الدجاج وقد اكتسبت هذه التسمية لأن الدجاج هو أكثر الطيور الحاضنة لهذا الفيروس والناقلة له. ويتبع انفلونزا الطيور عدة سلالات أو فصائل تختلف باختلاف البروتين الموجود على سطحها وهناك نوعان من البروتين Hemagglutinine وeuramidinase N,ويرمز لها بالرمز H,N واختلاف هذه البروتينات يحدد سلالة الفيروس الذي يصنف على أساسها. لقد استطاع العلماء حصر 15 نوعا من هذه الانفلونزا واكتشفوا بأن 5 منها تصيب الإنسان وهي H1، N1، H2، N2،H3 وأكثر السلالات خطراً على الدجاج هيH5 و H7 نتيجة انتشارهما بسهولة وإحداثهما مشاكل في جميع أجهزة الطيور. ومن الأمور المقلقة للعلماء أن تنشأ سلاله جديدة نتيجة اندماج الفيروسات المسببة للمرض عند الطيور بمثيلاتها من البشر بحيث يمكن أن ينتقل بسهولة بين البشر الأمر الذي يهدد بنشر نوع قاتل من وباء الانفلونزاH5N1 وان هذا الوباء يمكن أن يشكل خطرا على حياة عدة ملايين من البشر في حالة تفشيه وانتقاله من إنسان إلى آخر. أعراض المرض تكون أعراض المرض متشابهة مع أعراض الانفلونزا العادية، ولكنها أكثر حدة ومضاعفاتها سريعة، فهي تتمثل في ارتفاع دائم في درجة حرارة الجسم (حمى)، صداع، ارتجاف وقشعريرة، احتقان في الحلق، فقدان للشهية، ألم في المفاصل، سعال جاف، شعور بالتعب أحيانا تصل إلى تورمات في العين والتهابات رئوية تؤدي في النهاية إلى أزمة في التنفس ثم الوفاة. ما الاحتياطات الواجب اتخاذها عند الاصابة بالنسبة لوسائل الوقاية التي يمكن اتخاذها فان التشخيص المبكر للمرض يساعد على الحد من انتشار المرض والتخلص من الطيور المصابة وإعدامها، ولا يقل ذلك عن أهمية وقاية الأشخاص العاملين في مزارع الدواجن ومراعاة لبس الأقنعة والقفازات أثناء الاقتراب منها، أما على المستوى الدولي فيتم حظر استيراد الدجاج والطيور والبيض من الدول التي توجد بها حالات عدوى بانفلونزا الطيور. وإذا بدأ ظهور الفيروس في الإنسان يمكن التدخل بالأدوية المضادة للفيروسات مع دعم ذلك بتدابير علمية صحية أخرى لمنع الفيروس من مواصلة انتشاره على المستوى الدولي. هل هناك لقاح واق متوفر حاليا؟ لقد أظهرت اختبارات حديثة للقاح ضد إنفلونزا الطيور فعاليتها في نظام المناعة عند الإنسان. وقد اتضح بأن اللقاح، الذي لا يزال في طور الاختبار قد أثبت قدرته على تحفيز نظام المناعة البشري لمحاربة هذا الفيروس. ورغم اعتبار نتائج الأبحاث خطوة نحو التوصل إلى لقاح، إلا أن العقبة الرئيسة هي القدرة على إنتاج لقاح كاف في حال تفشي هذا الوباء، ذلك لأن اللقاح يتم إنتاجه من بيض الدجاج، وهي عملية تستغرق شهورا عدة. وقد كانت الاختبارات الأولية على أصحاء تجاوزوا عمر ال65 أظهرت رد فعل قوي في نظام المناعة. وتنتج هذا اللقاح الشركة الفرنسية Sanofi- aventis لصناعة الأدوية، وقد اختبرته على قرابة 450 شخصا، ويتوقع أن تستكمل على أشخاص أكبر سنا في الأشهر المقبلة. علاج الفيروس يوجد حاليا علاج ضد الإنفلونزا يسمى «تاميفلو» Tamiflu وقد حثت منظمة الصحة العالمية باستخدام هذا العلاج والذي يستخدم في علاج جميع أنواع أمراض الإنفلونزاA & B وسلالاتها وكذلك بعض أنواع سلالات أنفلونزا الطيور بما فيهاH5N1 والتي تعد اخطر سلالات الإنفلونزا. ويقلل العلاج أيضا من مضاعفات الالتهابات الناتجة عن الإنفلونزا، ويستعمل وقائيا ليمنع من انتشار الإنفلونزا وبذلك فان استخدام «تاميفلو» له ثلاثة اتجاهات حماية، وقاية وعلاج ولتقليل انتشار الفيروس يعطى أيضا للأشخاص المعرضين للإصابة ويؤدي إلى انخفاض نسبة الوفيات وعدم نشر الوباء إلى أماكن أخرى والسيطرة على الموقف. انتقال الفيروس ينتشر هذا الفيروس في جميع أنحاء العالم وقد تم اكتشافه في طيور الماء المتوحشة حيث انها العائل له، وقد اتفقت بعض النظريات على أنه تم انتقال الفيروس من طيور الماء إلى الدواجن. ويعيش هذا الفيروس في دماء الطيور وأمعائها ولعابها وأنوفها، ويكمل دورته داخل الطير ويفرز بعد ذلك بكميات عالية في برازها، ومن الأنف والعين وعند جفاف البراز يتحول إلى ذرات غبار يسهل انتقاله إلى طير آخر، وبهذه الطريقة ينتقل الفيروس من الدجاج المصاب إلى السليم ومنه إلى الإنسان. أيضا الاحتكاك غير المباشر مثل المياه المحيطة بهذه الطيور أو وجود هذه الطيور في حظائر الدجاج. طرق انتقال الفيروس إلى الإنسان: 1. الرذاذ المتطاير من أنوف الدجاج وإفرازات الجهاز التنفسي. 2. الملابس والأحذية الملوثة في المزارع والأسواق. 3. الأدوات المستخدمة والملوثة بالفيروس مثل أقفاص الدجاج وأدوات الأكل والشرب وفرشة الطيور. 4. التركيز العالي للفيروس في فضلات الطيور وفرشتها نظراً لاستخدام براز الطيور في تسميد الأراضي الزراعية. هل تناول لحوم وبيض دجاج مصاب بالفيروس ينقل العدوى؟ لقد ثبت بأنه لا يمكن أن ينتقل الفيروس من الدواجن والبيض الحاملة للمرض إلى الإنسان عند أكله إذا كان مطهوا جيدا لعدم ظهور حالات الآن. وللوقاية من الفيروس يمكن اتباع التعليمات التالية: 1. يمكن القضاء على الفيروس عند ارتفاع درجة الحرارة لذا يجب طهي جميع انواع الطيور جيدا قبل اكلها وايضا مشتقاتها من البيض. 2. يجب غسل الأيدي بالماء والصابون مدة تتراوح بين 15 20 ثانية. 3. يجب على جميع من لهم علاقة بتقطيع اللحوم أو نقلها أن يتقيدوا بلبس القفازات الواقية والكمامات (N95) والمعاطف الطويلة.