إعداد - أحمد البهنسي محمود عبده علي .. هل ثمة أهداف واضحة للعملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة؟ وهل ما حدث خلال الساعات الماضية مرحلة أولى لعمليات أخرى؟ وماذا تمتلك حركة حماس وسائر المقاومين الفلسطينيين؟ وهل العملية العسكرية مقدمة لهدف سياسي أم غاية في ذاتها؟.. هذه الأسئلة وغيرها تتوقف إجابتها على عنصر واحد حاسم هو: مدى صمود المقاومة وتكتيكاتها المتبعة لإطالة مدى الحرب البرية واستنزافف العدو لأقصى قدر ممكن. مشهد الصمود هو عنوان غزة والمقاومة منذ االاجتياح البري المدمر ، وهو ما توقعه محللون إستراتيجيون وعسكريون، وحتى بعض المعلقين الإسرائيليين لم يخفوا توجساتهم من فشل إسرائيلي نتاجه غموض الأهداف الإسرائيلية من الغزو البري للقطاع بعد أن كان يكفي جيش الاحتلال ما أحدثه من خسائر لقطاع غزة عبر الضربات الجوية التي لم تتوقف طوال تسعة متواصلة. فهل حفر عسكريو إسرائيل لأنفسهم فخا جديدا؟ وهل ثمة هدف سياسي واضح لتلك العمليات البرية؟ وهل سيتكرر سيناريو أقرب لما شهدته حرب لبنان في العام 2006؟.. لا هدف واضح.. أول الأخطاء لم تعلن الحكومة الإسرائيلية عن أهداف واضحة ومحددة من عمليتها البرية داخل قطاع غزة، وهو أمر يثير بلبلة وتعددا في الآراء المعلقين الإسرائيليين، وإن كان الاتفاق واضح على صفحات الجرائد العبرية الصادرة اليوم من أن تلك العملية تمثل مرحلة صعبة ودقيقة وحرجة من مراحل الحرب على غزة. الكاتب "أليكس فيشمان" المحلل السياسي في صحيفة يديعوت أحرونوت، أشاراليوم إلى أن الغزو البري لقطاع غزة يتكون من عدة مراحل تنبني على بعضها البعض. المرحلة الأولى منها "الصدمة" ، وتهدف إلى إلحاق صدمةبحماس وسكان غزة يدفعوا خلالها ثمنا باهظا، وتشكل مقدمة للمرحلة الثانية التي يتم خلالها السيطرة على مناطق واسعة من القطاع.ويستطرد "فيشمان" بالتأكيد على أنه في حال لم تحقق المرحلة الأولى من العملية أهدافها ستمضي إسرائيل نحو المرحلة الثانية، والتي لا يرغب أحد في الوصول إليها، والتي تشمل إدخال فرق كاملة من قوات الاحتياط. ويعتبر الكاتب "أن الهدف الأساسي من العمليات البرية هو "تكبيد حركة حماس ثمنا باهظا من قوتها العسكرية"، ويرى أن "الإنجاز سيقاس ليس وفق حجم المنطقة التي سيتم احتلالها، وإنما وفق عدد القتلى عند العدو". ويشير "فيشمان" إلى أن "السيطرة على مناطق إطلاق الصواريخ هو هدف ثانوي؛ فالفرضية الأساسية تقول أن إطلاق الصواريخ على إسرائيل سيستمر من عمق القطاع". واتفق كل من "عاموس هارئيل"، المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، و"أفي سخاروف"، محلل الشئون الفلسطينية بالصحيفة، مع ما طرحه "فيشمان"، حيث اعتبرا أن هدف الجيش الإسرائيلي من وراء العملية العسكرية التي يقوم بها في غزة هو "إحداث تآكل حقيقي في قوات حماس النظامية، إلى جانب إشعار حماس بوجود خطر حقيقي على استمرار حكمها في القطاع".ويتساءل الكاتب "نسيم كلدرون" في صحيفة يديعوت أحرونوت عن الهدف الحقيقي لهذه العملية، ليشير إلى أنه في نظر معسكر السلام، فإن هدفها هو وقف إطلاق النار. غير أنه يرى أن "ذلك في حد ذاته لم يكن ليلزم إسرائيل للخروج في عملية عسكرية برية من الممكن أن تتكبد فيها الكثير من الخسائر في أرواح الجنود". وفي الصحيفة ذاتها يزعم "يحزقيل دروري"، أن الهدف من العملية "يجب أن يكون التوصل لاتفاق السلام، إذ أن الوضع الأمني والسياسي الحالي لإسرائيل يجبرها على أن تنتهج سياسات تتسم بالحساسية الشديدة من حيث مدى تأثيرها على المدى الطويل، وأن تدمج بين التقديرات النظرية وبين ما يجري على أرض الواقع، فإذا انتهت العلمية بدون تحقيق أي انجازات سياسية حقيقية، فإن ذلك سيمثل عارا تاريخيا لإسرائيل". ويشير "عوفير شيلح"، الكاتب في صحيفة معاريف، إلى أن كل مرحلة من مراحل الحرب على غزة يجب أن تعتمد مسبقا من قبل مجلس الوزراء الأمني المصغر على الرغم من أن جميع مراحل العملية كان قد تم التصديق عليها من قبل، مما يؤشر لوجود حالة من عدم الثقة بين صانعي القرار الإسرائيليين لا تزال تلازمهم منذ الحرب على لبنان، ف"أولمرت" تعلم أن يصمت عند الحديث عن الشئون العسكرية، أما "باراك" فقد أراد أن يحقق مكاسب جوهرية على الأرض بتسريع اتخاذ قرار العملية البرية، وهو ما يثير تساؤلا ملحا مفاده ماذا تهدف إسرائيل بالضبط من هذه العملية في هذا التوقيت؟". ويطرح "شيلح" سببا آخرا للعملية العسكرية في غزة، إذ يشير إلى أن "هدف هذه العملية هو محو وصمة العار التي لحقت بالساسة الإسرائيليين إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان، وإبقاء حالة من الهدوء في جنوب إسرائيل". عقبات كبيرة وإضافة إلى هذا الاختلاف حول هذا الهدف، فإن هناك إجماع على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيواجه الكثير من العقبات والعراقيل خلال هذه العملية. فالكاتب "فيشمان"، يرى أن أهم هذه العقبات تتمثل في تمكن إسرائيل من العبور إلى المناطق المدنية حيث يوجد شريط يعتبره الفلسطينيون "مجالا آمنا"، والذي تحول خلال السنوات الأخيرة إلى منطقة محصنة محمية بواسطة القناصة والصواريخ المضادة للدبابات، والألغام الأرضية والأنفاق المفخخة والبيوت المفخخة أيضا، وسيكون على القوات الإسرائيلية أن تجتاز هذه المنطقة بأقل عدد ممكن من الإصابات". أما العقبة الثانية برأيه، تتمثل في أن القوات الإسرائيلية ستنقل المواجهات العسكرية إلى مناطق مأهولة بالسكان، ما سيصعب من عمل الجيش الإسرائيلي. وعلاوة على ذلك، فإنه "على الجيش الإسرائيلي أن يضمن ويحافظ على سلامة وصول الإمدادات، كما ستكون هناك حاجة إلى الدفع بمزيد من المدرعات والدبابات والآليات الثقيلة لعدم تكرار أخطاء الحرب على لبنان، واستنفار قوات لحماية وتأمين محاور الوصول إلى القوات الإسرائيلية".