وضعت إسرائيل لنفسها هدفاً حربياً طموحاً. فهي تقول إنها تريد خلق بيئة أمنية جديدة، من أجل حماية الإسرائيليين الذي يعيشون في مدى الصواريخ التي يتم إطلاقها من غزة. وتريد إسرائيل، وفقا لما قاله مسؤول إسرائيلي، إلى "تحييد رجال ميليشيا حماس" حتى يفقدوا القدرة على إطلاق الصواريخ على إسرائيل. وبالأمس، أصبحت الطريقة التي تريد بها إسرائيل تحقيق ذلك واضحة أكثر. فالغارات الجوية حاولت قتل أكبر عدد ممكن من مقاتلي حماس وتدمير البنية التحتية للسلطة والحكم التي حاولت حماس بنائها منذ استلمت السلطة في غزة. ومن وجهة النظر الإسرائيلية، نجحت الموجة الأولى من الغارات. فخلال الانتفاضة الفلسطينية المسلحة التي اندلعت بعد عام 2000، هاجمت القاذفات الإسرائيلية المباني الأمنية الفلسطينية عدة مرات. لكن كانت معظم هذه الغارات متوقعة، ولم تسفر سوى عن تسوية مباني خالية بالأرض. لكن لم يسبق أن قامت إسرائيل بشن غارات جوية بالحجم الذي بدأ يوم السبت. فأرضية تلك الحرب مهدت بشكل سيكولوجي ذكي. التمهيد للحرب فقد أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت تحذيرات للصحافة العربية بأنه سيكون هناك سفك للدماء لو لم توقف حماس إطلاق الصواريخ. ولكن في نفس الوقت، قال متحدثون باسم الحكومة للصحفيين إن خطة الحرب لم يتم الاتفاق عليها من قبل الحكومة الإسرائيلية. ولكن كان قد تم الموافقة عليها. إذن عندما جاءت الموجة الأولى من الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق غزة، كانت قادرة على الهجوم على القواعد والمجمعات الأمنية التي لم يتم إخلاؤها. وهذا كان أحد الأسباب التي أدت إلى قتل هذا العدد الكبير من الأشخاص بسرعة. كما أن حقيقة استدعاء جنود احتياط إسرائيليين وتحركات الدبابات تشير إلى أن الغارات الجوية سيعقبها توغلات برية. كم حجمها وكم مداها الزمني، يبقى أمرا غير معروف. معلومات استخبارية إسرائيلية هذا الصباح جادلت بأن فلسطينيين كثر في غزة طفح بهم الكيل من حماس. ويبدو أن إسرائيل تعتقد أن بإمكانها أن تعمل على الانقسامات الحاصلة بين الفلسطينيين إلى أن يصبح من الممكن فصل حماس عن المجتمع الفلسطيني وإجبارها على الرضوخ لشروطها. لكن من الممكن أن لا تحصل إسرائيل على كل ما تريد. فمن المستبعد أن تستسلم حماس. لأنها تؤمن بعقيدة المقاومة والشهادة. كما أن الفلسطينيين تحت القصف قد ينسون بعض الانقسامات التي قيدتهم خلال السنوات الثلاث الماضية، ويتحدون في مواجهة عدو مشترك. الدعم الأمريكي لطالما اعتقد الجنرالات الإسرائيليون إن لديهم وقتا محدودا لتحقيق أهدافهم. فهم توقعوا صدور البيانات التي تدينهم من قبل الأمين العام للأمم المتحدة والآخرين خلال ساعات من بدء الغارات الجوية. و كالعادة الولاياتالمتحدة تمنح غطائها الدبلوماسي لإسرائيل داخل الأممالمتحدة. لكن هناك رئيسا أمريكيا جديدا سيتم تنصيبه الشهر القادم. وكرئيس، سيمنح باراك أوباما إسرائيل دعما قويا. لكنه لن يريد أن يستلم الرئاسة وسط أزمة مشتعلة في الشرق الأوسط. فإسرائيل قتلت مدنيين، ومن بينهم أطفال. والضغط الدولي عليها من أجل وقف الهجوم على غزة سيزيد مع ارتفاع أعداد القتلى.