تحتفل سلطنة عُمان هذه الايام بالعيد الوطني وتتوج هذا العام إنجازات 43 سنة منذ تولى السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان مقاليد الحكم. منذ ان تولى السلطان قابوس مقاليد الحكم أصبح "الإنسان" هو هدف التنمية وصانعها على خلفية الاهتمام العميق بتفعيل مفاهيم "الشراكة الوطنية " في إطار تطبيقات متعددة تضمن تطور صيغ ممارسة الشورى والمشاركة عبر مراحل متدرجة ، وفقا لتخطيط استراتيجي لا يستبق الأحداث ولا يفتعل النتائج أو يتعسف حدوثها ، إنما يعمل على تعظيم دور المواطنة والمواطن في إثراء ما يمكن تسميته "بمسيرة التنمية السياسية" ، ويتوافق ذلك مع الطبيعة الإنسانية للشخصية العمانية التى تتميز بالصفاء و بالهدوء. لقد كانت نقطة التحول التاريخية في العام 1970، حين تولى السلطان قابوس بن سعيد زمام الأمور في السلطنة، فمنذ انطلاقة التنمية كان لديه رؤية ثاقبة وواضحة المعالم للبرامج الكفيلة بتحقيق الرخاء والتقدم لشعبه وإخراجه من عصر الركود إلى عصر الحداثة والتحديث، حيث قال السلطان قابوس في خطابه الأول: 23 يوليو 1970 «أيها الشعب سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل ... كان وطننا في الماضي ذا شهرة و قوة و إن عملنا باتحاد و تعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى و سيكون لنا المحل المرموق». الان وبعد 43 عاما تقف الدولة العمانية العصرية راسخة قوية وشامخة، تحقق الخير والتقدم والازدهار لابنائها، وتمد يدها بالسلام والصداقة لمختلف الدول والشعوب على امتداد المنطقة والعالم طالما تبادلها نفس المواقف واساليب التعاون لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة وتعزيز فرص الامن والسلام والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية وعلى امتداد العالم من حولها. وعمان دولة سلام، ولها اسهاماتها العديدة والمتواصلة والمؤثرة ايضا في هذا المجال، وهو ما تعرفه كل دول المنطقة ودول كثيرة اخرى من حولها، ولأن السلام الذي تعمل من اجله السلطنة هو في النهاية سلام الاقوياء، اي السلام القادر على الحفاظ على الحقوق والارض والمنجزات وتوفير افضل مناخ لتحقيق التقدم والازدهار في كل المجالات، وبناء افضل العلاقات واكثرها استقراراً وعمقاً مع الأشقاء في المنطقة والعالم، وقد أصبح ذلك واضحا للجميع وموضع احترامهم وتقديرهم أيضا. وهذه النتيجة تكاد تلخص فكر النهضة العصرية، الذي قام على تلك الموازنة الأصيلة بين الموروث العماني والمستجدات العصرية، وهو ما أشار إليه السلطان بأن الكثير الذي أنجز كان "ضمن توازن دقيق بين المحافظة على الجيد من الموروث العماني الذي يعتز به أهل عمان ومقتضيات الحاضر التي تتطلب التلاؤم مع روح العصر والتجاوب مع حضارته وعلومه وتقنياته والاستفادة من مستجداته ومستحدثاته في شتى ميادين الحياة العامة والخاصة".ويؤكد جلالة السلطان على صقل الإنسان وحفزه بالمعارف العصرية وروح الزمن الحاضر بشرط ألا يخصم ذلك من الرصيد الأصيل والجيد الذي ورثناه من الأجيال التي سبقتهم. وهذه المحافظة تتم عبر المضي نحو إيمان كل مواطن بمزيد من ترقية نفسه علما مع محافظته على إرث الأجداد من خلق وقيم، والسعي الدائم نحو الكسب الذي يمكن الفرد من تطوير مهاراته في الحياة وفي العمل، بحيث يكون أمام الأجيال المقبلة رصيدا طيبا من المثل التي تسير عليها والقدوة التي تحتذي بها، فصون المنجز هو عملية تقوم على الوعي به وكيف تمّ عبر فكرة وجهد وإخلاص وكدح، هذه المعاني التي يكون واجبا أن تتأكد وأن تنقل إلى أجيال الغد. وبمثل ما كان البناء والنهضة على مستوى الداخل، حافظت عمان على نسج علاقات متوازنه مع المحيط الإقليمي والدولي، وتبوأت مكانة بارزة في هذا الإطار، عبر تلك السياسة التي تقوم على "مبادئ راسخة من التعاون مع سائر الدول والشعوب على أساس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة "وبهذا المنوال تحقق الكثير من المكتسبات لعمان بحيث باتت "علامة مميزة" في الفكر الدبلوماسي وأبلغ دليل على ذلك الاستحسان الذي يلقاه المنهج العماني من قبل المراقبين والمحللين في هذا الجانب، بالإضافة إلى الشهادات التي جاءت من كبار الشخصيات ورؤساء الدول شرقا وغربا. خالد فاروق السقا إعلامي سعودي