الشاعر "حسن بن محمد الزهراني" شق طريقه في عالم الشعر من إلهامات جمال جبال السروات ووديانها وأزاهيرها وأمطارها، وبدأ يواجه جمهوره وهو طالب بجامعة أم القرى، تخصص في الجغرافيا رغماً عنه في حين كان شقوفاً بالأدب والشعر، أشعاره تدرَّس في مدارس التعليم العام والجامعات ، أحيا أكثر من مئة أمسية، له 12 ديوان شعر صدر منها حتى الآن 9 دوادين .. استضفناه في "البلاد" لنسبح في مياه إبداعه عبر اللقاء التالي: قيل إن الشعر بذرة صغيرة في عمق الذات , أنت متى وجدت تلك البذرة , وكيف اندهشت بها وسقيتها ؟ ** منذ فتحت عيني علي الحياة وبدأت أتلمس جمال الأشياء من حولي , أحسست بوجود البذرة , وهي بذرة لا دخل لنا بها , لأنها إلهية ألقاها الله في نبضي لتنبت عشقاً أبدياً للجمال والحياة وللكون والإنسان . وإحساساً مرهفاً يتعاطف مع كل الأشياء المحيطة ويشاطرها أفراحها وأتراحها بكل تجرد . ولحظات تفكر وتدبر تبحث عن حياة أخرى وكون مختلف . تلامس البدايات رهبة ولاشك , كيف عانيت ثم قاومت تلك الرهبة لإعلان نفسك شاعراً أمام الناس ؟ ** آه من البدايات ... كانت مؤلمة جداً , كنت أكتب وأكتب في دفتري "أبو أربعين" وأخفي ما أكتب , وعندما بدأت أطلع بعض الأصدقاء وجدت إعجاباً , كما وجدت تهكماً وسخرية لا حدود لها. عد بنا الى الوراء وأروي لنا كيف واجهت الجمهور شاعراً مبتدئاً في المناسبات الأولية لك ؟ كانت أول مواجهة لي مع الجمهور في عام 1402ه .. وأنا طالب بجامعة أم القرى , حيث زرنا منطقة جازان زيارة علمية من قسم الجغرافيا عندما كنت أحد طلابه , وكان يرأسه معالي الدكتور عبدالعزيز بن صقر مدير جامعة الأمير نايف سابقاً , ووشى بي الرفاق ونحن في طريقنا إلى النادي الأدبي , فأصر الدكتور عبدالعزيز أن ألقي قصيدة .. فألقيت قصيدة عن فلسطين صفق الحاضرون رغم (.....) ووجدنا ذلك الحين الأستاذ الشاعر الكبير إبراهيم صعابي , حيث ألقى علينا بعض قصائده الجميلة , وعندما عدنا للفندق سمعت من المدح والقدح الكثير. أما أول أمسية أحييتها فقد كانت في جمعية الثقافة والفنون بالباحة عام 1412ه .. وكان رئيس الجمعية آنذاك الأستاذ والأديب الجليل محمد سعد فيضي رحمه الله , وأدار الأمسية الأستاذ الأديب جمعان عائض , والحضور كانوا تسعة , ولكنهم عن مئات والله ... تفاعلاً ، واستعادة ، وتذوقاً قلّما نجده في جمهور اليوم. قصيدتك الأولى وأيضاً مجموعتك الأولى كيف ولدتا , كيف احتفيت بهما , ثم كيف تنظر لهما الآن ؟ ** قصيدتي الأولى كتبتها وعمري 3 أعوام كان مدادها الدمع , وأوراقها الخدود , وألحانها النحيب على رحيل أمي رحمها الله , التي غادرتني إلى مستشفى (السداد) بالطائف للعلاج , وأول ما كتب على الورق قصيدة ( ألا أيها الليل) وهي تقطر حزناً لا أعلم لماذا ؟ .. أما مجموعتي الأولى " أنت الحب " فقد سبقها مجموعتان احتفظ بها في أدراجي السرية إلى الآن. ول " أنت الحب " التي صدرت عام 1409ه حكايات تطول , وقد طبعت في دار حافظ ووزعتها شركة تهامة , ورغم أنها الأولى إلا أنني ربحت منها ضعف قيمة طباعتها .. فأين الأرباح الآن ؟ أما نظرتي لها الآن .. فما زالت نظرة إعجاب , فهي فاتحة تاريخي الشعري. أنت تربوي تدرجت في مدارج المهنة , كيف تأهلت لعمل معلم , وما محطاتك فيها حتى الآن ؟ ** أنطبق عليّ المثل (مع الخيل يا شقرا) حيث وجدت الزملاء في جامعة أم القرى سجلوا في قسم الجغرافيا فلحقت بهم رغم شغفي بالأدب .. وتخرجت عام 1405 وكلفت من أول عام بعمل مدير مدرسة ناوان الابتدائية والمتوسطة , وعملت بكل إخلاص ونجحت رغم جهلي بكثير في الأمور التي تعلمتها تدريجياً دون علم أحد , وعندما علمت أن عملي كمدير سبب في عدم نقلي إلى الباحة سلمت الإدارة , وعملت بمتوسطة المخواة معلماً سنة واحدة , ونقلت إلى ثانوية بني عدوان بالباحة , وبقيت بها 5 أعوام حافلة بالحب والشعر والجنون , مع نخبة مدهشة كان من بينهم الدكتور معجب العدواني. ثم كلفت بإدارة مدرسة الفيض مرغماً , وكتبت قصيدة (أصبحت وأسف الفؤاد مديراً ) والتي وجدت أصداء مذهلة في حينها , ومن المواقف الطريفة حول تلك القصيدة أننا فوجئنا في دورة الإدارة بجامعة الطائف 1415ه بالدكتور سالم القرشي عميد الكلية،رحمه الله،يطرحها كقضية لمشكلات مدير المدرسة على الجميع مصورة من الجريدة .. فسأله الأستاذ عودة الطلحي هل تعرف صاحبها يادكتور ؟ .. قال:نعم الشاعر حسن الزهراني هداك الله اسمه وصورته أمامي .. فقال عودة أتعلم أنه بيننا هنا ؟ .. فضحك ساخراً فوضع عودة يده على كتفي وقال:هذا هو حسن الزهراني .. فدهش الدكتور سالم،رحمه الله, وقد نشر الأستاذ صالح الحاوي هذا في مجلة " اقرأ " في حينه .. وفي قريتي القسمة عملت مديراً 17 عاماً حافلة بالتجديد والنجاحات الجميلة والمفارقات العجيبة , ثم نقلت إلى ابتدائية الأطاولة عاماً , ومنها إلى الأشراف .. وأنا الآن أشرف على مركز الإبداعات الأدبية بتعليم الباحة. بنظرك ماهي خطوط التلاقي أو حتى التنافر - إن كانت موجودة - بين الشاعر والتربوي ؟ ** الشاعر تربوي بطبعه ، والتربوي شاعر بطبعه أيضاً . وجهان لإنسانية واحدة. من الذي زرع دهشة الشعر في نفسك , وكنت منكباً على تأمل نصوصه بشكل أكثر من غيره ؟ ** نهم القراءة كان لا يفارقنا , ولم نخصص لشاعر أو مدرسة توجهنا , أنا كنت منحازاً إلى الجمال والإبداع والجديد والمختلف , وكان حفظنا يساعدنا على تحدي الوقت في القراءة , والمتنبي كان له حضور أكبر في قراءتي . لو لم تكن شاعراً , كيف كان سيكون حالك مع ذاتك ومحيطك القريب والبعيد ؟ ** لو لم أكن شاعراً لكنت شاعراً , ولن أكون إلا شاعراً , فالشعر هو الحياة : الشعرُ مِصباحي وراحي قُبلةٌ تشفي جراحي إنهُ الشمس التي تُحْيي صباحي ... *** الشعر بوصلةُ النّواحي والمناحي سِرّ همّي وارتياحي إنه ( حسّون ) أنغامي ، ونافذة انشراحي ... أنت الآن شاعر سعودي وعربي معروف , ما المسؤولية التي تشعر بها ؟ ** لدي اعتقاد أن شعراء العالم كافة لديهم رسالة كبرى , وهي أن يغسلوا بشعرهم كل الأحقاد والضغائن والكراهية والحسد والظلم من قلوب البشر , ويزرعوا بشعرهم مكانها نخيل التصافي والمحبة والإخاء والعدل. ولن أقول أن الشعر نجح في أداء رسالته مادمت أرى حروباً وأسلحة ودماراً .. الشعر( دينٌ ) رسالته الجمال،ورسوله الحب، وشعائره النقاء والتصافي والتسامح. عشت فترة الحداثة في بلادنا , طفرتها وتفاعلاتها وضجيجها ثم خفوتها قليلاً الآن . أين كنت منها متابعاً,متعلقاً , أو رافضاً إن حدث ذلك ؟ ** كنت عدوها بالأدلجة عندما أقنعنا أعداؤها بأنها ستجتث الدين , وعندما أوفقنا وقرأنا وتأملنا وجدناها بمعناها الحقيقي , الخروج من كهوف النمطية والرجعية , إلى فضاءات الإبداع والابتكار , والتعايش مع الكون والحياة والناس , في كل أرض وتحت كل سماء دون حواجز أو محاذير , وقد ألفت الدكتورة كاميليا عبدالفتاح كتاباً بعنوان (الأصولية والحداثة في شعر حسن الزهراني) رصدت فيه الكثير من الإجابات على سؤالك في قرابة 300 صفحة. نحن مجتمع لا يعرف صناعة النجم, ولذلك تُقتل مواهب وتتوارى إمكانات .. ما رأيك أنت ؟ ** صناعة النجم هي صناعة الحياة , صناعة مستقبل البلد صناعة نجاحه , أنا أتحدث هنا عن النجم في شتى المجالات , وعالمنا العربي اجتهد كثيراً , ونجح في صناعة نجوم الرياضة والفن فقط .. يا عزيزي الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام , هو بوابتنا نحو صناعة النجاح في شتى المجالات .. فمتى كان للإعلام خططه وأهدافه وخطواته الجريئة ورجاله المخلصون والمدركون , فسننجح في صناعة النجوم التي هي صناعة النجاح , بل صناعة الحياة والمستقبل . كيف توازن في أشعارك بين النص الشعري التقليدي العمودي , والنص الشعري الحر , وإلى أيهما تميل , ولماذا ؟ ** الشعر ياصديقي هاجس سماوي , لا تحكمه القوالب والأطر والاتجاهات , ومتى حكّمته فسّمه أي شيء غير الشعر . عندما تأتي القصيدة لا تستأذنك أو تمنحك فرصة الاختيار , هي كالضوء , كالمطر , كالنبض. ثمة من يرى الشعر تعبير الشاعر عن الحياة كما يحسها .. أنت كيف تراه ؟ ** الشعر ليس تعبيراً عن الحياة فحسب , بل هو تحليق في فضاءات الجمال , واستشراف للمستقبل , وفتح نوافذ إلى عوالم لم تطرق , ولم تتخيل . حدثنا عن مشاركاتك الشعرية في إحياء الأمسيات الشعرية داخل وخارج البلاد ؟ ** خلال 23 عاماً تقريباً أحييت وشاركت في إحياء 106 أمسيات شعرية في داخل المملكة وخارجها , وما وجدت بحمد الله إلا الاستحسان ومحبة الناس , وتواصل وحميمية مع كل من تعرفت عليهم خلال هذه المسيرة . ثمة مواقف ولاشك رافقت بعض أمسياتك . ما وجه الطرافة أو الجدة فيها ؟ ** في أمسية جمعت 9 شعراء في نادي القصيم على شرف سمو أمير القصيم الأمير فيصل بن بندر .. ألقيت قصيدة " عذّب كما تهوى فأنت محبب " .. فنالت أعجاب الجميع , وصفق لها الأمير بحرارة .. وعندما صعدنا إلى مسرح بريدة للعشاء , وناداني حسن الهويمل , وقال الأمير يبحث عنك .. وعندما وقفت أمامه قال : ماذا فعل صاحبك بقلبه ؟ قلت:نفضه ونظفه من التراب وأعاده إلى صدره ومضى .. فطلب أن أعيدها , وهم جميعاً واقفون , فأعدتها وطلبها مكتوبة , فأهديته الديوان "صدى الأشجان " الذي يضم القصيدة , وقد نشرت الصحف ذلك الخبر في حينه عام 1422ه . وفي أمسية بمدينة صبيا , كان يشاركني فيها الشاعر عيسى جرابا , فاجأني شاب أسمر طويل بطلب قصيدة " لمن أشكو " فأسمعتهم إياها .. وبعد الأمسية صعد إلى المنصة وقدم لي أمام الجمهور "شريحة جوال" عندما كانت الشرائح ذات قيمة , مقابل أن أعطيه القصيدة , وأقسم على ذلك .... وغير ذلك من المواقف كثير. كيف اقتربت من النادي الأدبي بالباحة , ثم كيف تقلدت مقعد الرئاسة فيه حالياً ؟ ** في أواخر عام 1415ه وهو العام الذي أسس فيه النادي , وصلتني دعوة من الشيخ سعد المليص رئيس النادي , بإيعاز من الأستاذ جمعان عائض , للانضمام إلى النادي كعضو في اللجنة الثقافية , ثم عضواً في مجلس الإدارة بترشيح سمو الأمير فيصل بن محمد بن سعود .. وفي المرحلة الثانية كنت أحد العشرة المرشحين من قبل الوزارة , التي رشح فيها الأستاذ أحمد المساعد نفسه للرئاسة , وقال:إلا أن يكون لحسن رغبة فيها فأنا أول من يبصم له بالعشرة أمام المجلس. لكنني باركت له على الفور , وبعد إقالته رشحني الزملاء للرئاسة حوالي عامين , وعندما جاءت الانتخابات فزت بالرئاسة والفضل بعد الله يعود لمثقفي الباحة , الذين منحوني هذه الثقة التي أتمنى أن أكون أهلاً لها , وأن أكون قد قدمت ما يليق بثقتهم . ثمة من يشهد بأنك قد أدرت النادي بشكل مثالي , ما العوامل التي ساهمت في نجاحك ؟ ** لكل نجاح عوامل وعوامل نجاح .. عملنا في النادي بتوفيق الله أولاً , ثم أنني وفقت في نخبة واعية ومتجانسة ومخلصة , كما أنني جئت وهدفي الأكبر خدمة الثقافة والرقي بها , وكنت مصراً على أن أجعل للباحة مكاناً في خارطة الثقافة العربية , وهم كذلك. نادي الباحة يقع في منطقة بعيدة عن الضوء , إلا أن النادي طبقاً للنقاد قد تقدم غيره ممن هو في المدن الكبيرة , لماذا برأيك ؟ ** لأننا خططنا لهذا .. وكان عندنا إصرار عليه , فبلغناه رغم كل التحديات , وسنواصل بإذن الله. ما الذي تعتزون به كإدارة في نادي الباحة وترونه مشروعاً ثقافياً لافتاً قدمتموه للفكر محلياً وعربياً ؟ ** اعتقد أن ملتقى الرواية الذي جعل من الباحة (عاصمة للرواية العربية) بشهادة كبار النقاد , ومهرجان الشعر العربي الذي هو الأكبر عربياً .. هما المشروعان الأميزان .. ومع ذلك فلدينا كثير من المشاريع المتميزة والمختلفة , أطلع عليها القارئ من خلال وسائل الإعلام. ما هي قصتك مع مهرجان الجنادرية , شاعراً وإدارياً ومثقفاً ومراقباً ؟ ** مهرجان الجنادرية عرس ثقافي وطني كبير , وقد شرفت بإلقاء قصيدة فيه أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز،حفظه الله, وضيوف الجنادرية الكبار , على مستوى العالم في العام المنصرم . ولا يفوتني هنا أن أذكر أن النادي شارك في الجنادرية , من خلال نشاطات بيت الباحة , بأمسيات عديدة نال بها التميز عن بقية الأندية . كيف كانت مشاعرك وأنت تتشرف بالسلام على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بعد القاء قصيدة لك ؟ ** خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إنسان , تتدفق الإنسانية والطيبة من محياه .. وبعد أن ألقيت القصيدة وسلمت عليه , ظل ممسكاً بيدي يشيد بالقصيدة , ويعلق على بعض أبياتها ضاحكاً , وكنت سعيداً بتلك اللحظة. ماذا عنى لك اختيار إحدى قصائدك لتكون ضمن مناهج التعليم العام بالسعودية ؟ ** اختيار إحدى قصائدي لتدرس ضمن مناهج التعليم في المملكة العربية السعودية , كان حلماً بعيداً لم أجرؤ على تخيله يوماً , ولم أصدق ما رأت عيناي وأنا أتصفح الكتاب .. كان هذا تتويجاً لمسيرتي الشعرية , وفخراً فوق كل الأوسمة. قالوا بأنك (بحتري الباحة ) و ( متنبئ ) المنطقة , ما ردك .. وما الذي شدك في هذين الشاعرين تحديداً ؟ ** بحتري الباحة ومتنبي الباحة وشاعر السحاب وشاعر الوطن وعندليب الجنوب وحسان زهران والحطيئة كل لقب له حكاية. أما البحتري فأذكر أن أول من أطلقه الشاعر الدكتور عبدالواحد بن سعود , في قصيدة شعبية وجهها إلي , ثم ودون علم بهذا وجدت الشاعر والأديب عبدالله العويد من الأحساء يطلقه في ملحق الأربعاء , فتبناه الملحق ذلك الحين. المتنبي أيضاً جاء من الشيخ علي السلوك،رحمه الله, والأستاذ الأديب والشاعر أحمد المساعد ، وشاعر الوطن كان يردده دائماً الأستاذ الجليل محمد سعد فيضي،رحمه الله, وكم تمنيت أن يعيش حتى يرى نصاً من نصوصي الوطنية , يُدرّس على مستوى التعليم العام , وبعض نصوصي في الجامعات. أما شاعر السحاب , فأطلقه الأستاذ الخلوق سعيد الدحية , وتبناه ملحق الجزيرة الثقافي. وأما عندليب الجنوب , فقد أطلقه وأصر عليه الأستاذ والأديب الشاعر محمد هاشم رشيد , رئيس نادي المدينة سابقاً، رحمه الله .أما حسان زهران .. فأطلقه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الزهراني , صاحب كتاب الرواة الأماجد من أبناء زهران وغامد .وأما الحطيئة فقد أطلقه الزملاء في ثانوية بني عدوان , عندما كنت هجاءً. قدمت فيما مضى حشداً من الإبداع , هل من إحصاء لما قدمت , وما سوف تقدمه قريباً ؟ ** أصدرت 9 دواوين شعرية, وثلاثة تنتظر الطباعة , وأربعة انتهيت من مراجعتها الأولية .. ولكن شغلني عملي والتزاماتي الاجتماعية عن إنجازها , وكل عام أقول ربما يكون العام المقبل أقل ضغطاً , فأجد نفسي أشغل أكثر. قصيدتك « الشرف الأسمى» صنفها بعض النقاد على أنها أفضل قصيدة قيلت في المعلم بعد شوقي , حدثنا أكثر عن هذه القصيدة , وعن حيثيات إبداعك لها ؟ ** شرفت بخدمة وطني وأحبتي في مجال التعليم 30 عاماً , ورغم أن 24 عاماً منها في الإدارة والإشراف , ولم يكن نصيب التعليم إلا ست سنوات , إلا أنني أرى أن المعلم هو الأجدر بكل إجلال وتقدير , ويجب أن يكون للمعلم قداسة وحصانة أكثر من القضاة والدبلوماسيين وكبار الضباط , لأنه هو من صنعهم. ولن ينجح التعليم وترقى الأمة إلا إذا حصل هذا, وتمنى كل فرد في المجتمع أن يكون معلماً , ولكن بعد إعداد المعلم إعداداً كافياً وراقياً وواعياً , ومن هنا جاءت قصيدة " الشرف الأسمى " وأحمد الله أنها وجدت تلك الأصداء , لأنها كانت من قناعة بمكانة المعلم ودوره الأكبر. قصيدتك " دانة الأحلام " .. كيف حظيت بزخم خاص , وما المضامين التي حملتها ؟ ** قصيدتي " دانة الأحلام " أختيرت من بين أجمل مئة قصيدة في الشعر العربي المعاصر , ولم أعلم بهذا إلا حين كنت أبحث باسمي , عن بعض قصائد في الشبكة العنكبوتية , فوجدت الخبر والكتاب في موقع " أدباء الشام " وليس من اللائق أن أتحدث هنا عن القصيدة , وسأترك ذلك للقارئ. شعراء المملكة القدامى والحاليون , من تراه سجل بصمة أكثر من غيره , ولماذا ؟ ** المملكة منجم كبير للإبداع الشعري , وستبقى كذلك .. وما أجده الآن يبشر بمستقبل مدهش للشعر , ولن أحدد هنا أسماء. ثمة من يرى أن الحركة النقدية في السعودية قد ابتعدت عن مهمتها , أو أنها لا توازي ما يقدم في الساحة من إبداع .. أنت ماذا تقول ؟ ** نعم قلت ذلك منذ زمن , وغضب مني النقاد , وأعيد ما قلت , فمعظم النقاد عندنا أما مجامل أو متحامل أو منظر .. لا يملك أدوات النقد , وقلة قليلة منهم عمل بوعي وتجرد. الاتجاهات الفنية في الشعر السعودي لدى الجيل الأول توزعت على الاتجاه التقليدي , والتجديدي , والرومانسي .. أنت ومن هم من جيلك هل خضعتم لأي من هذه الاتجاهات ؟ ** نحن نكتب دون النظر لأي مسمى أو تصنيف كما قلت سابقاً .. وعلى المتلقي والناقد أن يضعونا حيث شاءوا . ما الدور الذي قدمته وزارة الثقافة والإعلام للأندية الأدبية , وما الذي لم تقدمه كطموح تتطلعون له ؟ ** لقد قدمت الوزارة الكثير .. وننتظر منها الكثير .. ولعل أهم ما قدمته الوزارة للأندية مشروع الانتخابات , والذي هاجمه معظم المثقفين , وكأنهم لا يعلمون أن هذا المشروع في بدايته , وأن نجاحه لن يتحقق إلا بعد ثلاث أو أربع دورات , كمن سبقنا من الدول المتقدمة , ومرت بما نمر به , وهم يريدون النجاح من التجربة الأولى. كما قدمت الوزارة للأندية الحرية في إنجاز أعمالها الثقافية , وهذا أمر جميل , ومازلنا نتنظر أن تعطى حرية أكبر . وكل ما نرجوه من الوزارة الآن هو زيادة دعم الأندية , فإعانة الأندية لم تتغير منذ إنشائها , بينما تضاعفت ميزانية الجهات الحكومية الأخرى عشرات المرات .. فماذا نسمي هذا ؟ كما أن تحميل الأندية تكلفة المباني أمر مزعج , والوزارة قادرة على إنشاء هذه المباني من ميزانيتها الضخمة. كيف تردون على من يتهم الأندية الأدبية بعدم الاهتمام بالناشئة والمواهب ؟ ** نقول لمن يتهم الأندية بعدم الاهتمام بالمواهب , تتبع نشاطات الأندية وسترى مدى اهتمامها بهم .. فنحن في نادي الباحة مثلاً خصصنا هذا العام للمواهب , وأطلقنا عليه " عام الموهبة " .. ولدينا خطة متكاملة لهذا , وبقية الأندية مثلنا وأكثر , فالمسابقات والأمسيات والمشاريع الشبابية تدعم ما أقول. ماهي المواصفات التي تحددونها في قبول وطباعة الإبداع الذي يصل لكم من مؤلفيه ؟ ** عندما يصل الكتاب إلى النادي , يحال إلى لجنة علمية لتحديد قبوله , بمواصفات مقننة للأطر العامة .. وإذا قبل يحال إلى محكمين متخصصين في مجاله ثم يعاد الكتاب إلى صاحبه للاطلاع على رؤية المحكمين , وتعديل ما رأوه , ثم يأخذ دوره في الطباعة .. ولا أخفيك فقد انهالت علينا طلبات الطباعة بعد معرض الكتاب للعام الماضي , وأصبحنا في حرج لا نحسد عليه. إلى أين وصلتم في مشروع بناء المقر الخاص للنادي الأدبي بالباحة ؟ ** بعد شهر من الآن بإذن الله سنتسلم المبنى (عظم) من المقاول .. وما تم إلا بفضل الله ثم بفضل دعم خادم الحرمين الشريفين،رعاه الله ثم تبدأ،أخي، رحلة العناء بحثاً عن رجل أعمال مثقف وواع يكمل ما بدأناه .. وهذا نداء من هنا لكل مخلص موسر من رجال الأعمال , فمبنى النادي سيكون معلماً ثقافياً ملفتاً , كما خططنا له بإذن الله , وسنضع الصالة باسمه . استطاع ملتقى الباحة الأدبي الروائي السنوي أن يكسب حضوراً لافتاً , ربما فاق ما كان منتظراً منه , كيف نجحتم في تحقيق كل ذلك الابهار له ؟ ** أولا توفيق الله سبحانه , ثم العزم على خدمة الثقافة , والإصرار على جعل الباحة عاصمة للرواية العربية , وذلك مما كان نصب أعيننا .. ولن أنسى هنا جهود اللجنة الاستشارية الراقية , التي عملت بكل تفان وجميع أعضائها من أبناء المنطقة. ثم أننا لم نعد وحدنا في الملتقيات الثلاثة الأخيرة , بل أن عدداً كبيراً من الأدباء والنقاد العرب يشاركوننا , وكأنهم أعضاء في نادي الباحة الأدبي , ويسألون عن الملتقى ويطرحون رؤاهم التطويرية بكل إخلاص .. ولهذا أطلقت على النادي (نادي العرب الأدبي بمنطقة الباحة) .