يتغنى الانكليز بأنهم مهد كرة القدم ويفتخر الاتحاد الانكليزي للعبة بانه الاكثر "تعميرا" بين نظرائه في العالم اجمع، لكن التاريخ العريق لا يعني الكثير في معادلة الحسابات لان حصيلة المنتخب الوطني طيلة هذه الاعوام لم تكن سوى لقب يتيم توج به في مونديال 1966 بطريقة مثيرة للجدل على حساب المانيا الغربية (4-2 بعد التمديد). وها هو الاتحاد الانكليزي يتحضر لكي يحتفل بعد 5 ايام بذكرى 150 عاما على تأسيسه دون ان يجد ما يعتمد عليه كإنجاز في مشواره الطويل باستثناء تلك الكأس التي احرزوها بطريقة مثيرة للجدل بعد ان منحهم الحكم السويسري غوتفريد ديينست بعد استشارة مساعده السوفياتي توفيق باخماروف هدف التقدم 3-2 في الشوط الاضافي الاول رغم ان كرة جيوف هيرست ارتدت من العارضة ثم الارض قبل ان تشتت ودون ان تتجاوز بأكملها خط المرمى. ويدرك الانكليز ان الفشل الذي مني به منتخب بلادهم من مونديال الى اخر ومن كأس اوروبية الى اخرى يشكل مصدر احراج، ما جعل الرئيس الجديد لاتحاد اللعبة غريغ دايك الذي انتخب في يوليو الماضي، يركز على موضوع المنتخب الوطني الذي عجز عن مقارعة الكبار الاخرين مثل البرازيل وايطاليا والمانيا والارجنتين او حتى فرنسا رغم بعض الاسماء الكبيرة التي مرت فيه ولا تزال على غرار غاري لينيكر والن شيرر وديفيد بيكهام وصولا الى القائد الحالي ستيفن جيرارد. والازمة التي يعيشها المنتخب الانكليزي لا تتعلق بالماديات على الاطلاق بل هناك انحدار فني متأثر بشكل كبير بغياب المواهب الشابة الواعدة، ما دفع الرئيس الجديد للاتحاد الى وضع برنامج يهدف الى تحسين تشكيل الشبان والسماح لهم بشكل خاص في ان يشقوا طريقهم الى اعلى المستويات. لكن الاتحاد الانكليزي يواجه معضلة حقيقية خارجة عن ارادته ومتمثلة بانه ليس باستطاعته ان يفرض الاصلاحات بمفرده دون الاحتكام الى رابطة الدوري الممتاز، السلطة الكروية المستقلة في بلاد مهد كرة القدم التي وعدت اقله على الورق بان تساعده في مهامه. وقد اظهرت دراسة حديثة ان اقل من ثلث لاعبي الدوري الذي نصب نفسه "افضل دوري في العالم" بسبب النجوم العالميين الذي يلعبون فيه، بامكانهم الدفاع عن الوان "الاسود الثلاثة"، وذلك لان رابطة الدوري الممتاز تبيع بطولتها باسعار باهظة الى العالم باجمعه وتؤمن للاندية المداخيل اللازمة ما يمكنها بان "تتألق" في اسواق الانتقالات وتتعاقد مع افضل اللاعبين الاجانب على حساب المواهب المحلية التي تجد نفسها امام نوعين من المنافسة القاتلة: منافسة النجوم الكبار ومنافسة اللاعبين الاجانب الذين يقبلون باللعب في الدوري الممتاز مقابل مبالغ زهيدة. وكما ان الامور النادرة تكون مرتفعة الاسعار، فان الانكليز اصبحوا "نوعا معرضا للانقراض" وهذا الامر يرفع من اسعارهم في سوق انتقالات الدوري الممتاز وابرز دليل على ذلك اندي كارول الذي كلف ليفربول 41 مليون يورو للتعاقد معه عام 2011 من نيوكاسل رغم انه لم يقدم شيئا على الساحة الدولية. والمعاناة الانكليزية اصبحت معلومة لدى الجميع وحتى ان مدرب تشلسي البرتغالي جوزيه مورينيو عرض على الانكليز مشورته في هذه المسألة التي اصبحت تشكل موضوعا استراتيجيا للاتحاد المحلي للعبة ورئيسه الجديد الذي اقتصر في خطته حتى الان على تشكيل لجنة تضم شخصيات كروية مختلفة ومن كافة الوظائف (اسماء كبيرة في اللعبة، اندية، مدربون...) لتوحيد الافكار المطروحة قبل اي مقترحات.وعاد ليظهر الى الساحة مجددا اقتراح ان يفرض على الاندية اشراك عدد معين من اللاعبين المحليين، وهو ما يؤيده مدرب المنتخب السابق وعضو اللجنة الانقاذية حاليا غلين هودل. ولكن ماذا يقول الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ورابطة الدوري الممتاز نفسها؟ما هو مؤكد ان المسألة معقدة فان حتى الاسماء التي تم اختيارها ضمن اللجنة الانقاذية تولد الاستياء لدى البعض الذين انتقدوا بشكل خاص غياب السود عنها مع انهم لعبوا دورا اكثر من اساسي في ولادة "اسطورة" الكرة الانكليزي، ما دفع الاتحاد الى استدراك الموقف منذ ساعات معدودة بضم مدافع مانشستر يونايتد ريو فرديناند الى هذه اللجنة.لكن اسكات المطالبين بوجود السود في اللجنة لا يعني وضع حد لمطالب "المعارضة" التي اخذت الان من غياب العنصر النسائي عنها حجة لتوجيه انتقاد اخر لها، ما سيدخل الاتحاد في المعمعة البيروقراطية التي ستلهيه عن الهم الاساسي وهو ان يرتقي المنتخب الانكليزي الى مستوى عراقته "الزمنية" وان يفرض نفسه بين كبار الكرة المستديرة.