المستقبل كلمة قد تسعد البعض منا، وقد تكون شبحاً مخيفاً لآخرين، فنراقب كل أحداث حياتنا، لتخيل ما يخفيه الغد بين طيات سطوره، لكن رغم ذلك يبقى التخطيط للمستقبل هو السعي للوصول إلى نقطة محددة الملامح وتحديد الهدف، وخطوة أساسية تؤدي إلى النجاح الذي نطمح لتحقيقه، عبر كل ما نقوم به. ويعتمد المستقبل على الطموح والترتيب المسبق لكل خطوة نقوم بها، لذلك أشارت الأبحاث السلوكية إلى أن التخطيط لبرنامج أسبوعي هو أكثر الطرق نجاحاً للإنجاز والتغلب على صعوبات الفشل، على العكس من التخطيط اليومي الذي يوتر الأعصاب، لذلك يجب عليك الاحتفاظ بمفكرة تدون فيها ما يجب عليك إنجازه طوال الأسبوع، وكافئ نفسك لتجد دافعاً قوياً للنجاح والمثابرة، وخصص وقتاً لزيارة الأقارب أو الأجداد، الأمر الذي من شأنه شحن علاقاتك الاجتماعية والإنسانية وعدم الانغلاق على مشاكلك وحياتك الخاصة فتنسحب تدريجياً نحو الاكتئاب. ومن الواجب أيضاً الاهتمام بالواجبات المدرسية ومراجعة محاضرات الجامعة أولاً بأول، ودع فاصلاً بين كل مهمة دراسية، ولا تتابع التلفاز أو تتصفح الإنترنت قبل إنجاز كل ما عليك مراجعته، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، وحاول تنفيذ أي تجربة علمية في البيت، أو قم بزيارة مختبر قريب وأنجز فيه تجربة مما درست، بذلك تحب الدراسة وتبدع فيها، وتقلل من جمودها. وقد أكد خبراء في الشئون الأسرية، أن النجاح في الحياة ثمرة من ثمار التخطيط الناجح، أما الفشل فيعود لغياب التخطيط للمستقبل وعدم وضوح الأهداف وغياب أية رؤية لاستشراف آفاق المستقبل، فكثير من الناس من يعيش بطريقة عشوائية، وبالتالي من يبدأ يومه من دون تخطيط فهو يضع قدمه على طريق الفشل، فكم من يوم اكتشفنا في نهايته أننا لم ننجز شيئاً يذكر، ليس لسبب سوى أننا لم نحسن ترتيب أولوياتنا. وترجع أهمية التخطيط للمستقبل كما أشار الخبراء إلى أنه يساعد على تحديد الاتجاه، ويجعلك مستعداً للخطوات القادمة، كما أنه يحدد الخطوات اللازمة للوصول إلى الهدف، مشيرين إلى سبب عدم تخطيط البعض للمستقبل، نتيجة التفاؤل المفرط عن الوضع الحالي، وعدم القدرة على رسم الخطة، وعدم معرفة الأولويات وترتيبها حسب الأهمية، لذلك كل من يبحث عن الأفضل لا بد له أن يعرف أين هو وأين يريد الوصول، من خلال كتابة الوضع الحالي الذي يعيشه وتسميته بالنقطة «أ»، والوضع الذي تتمنى أن تكون عليه مستقبلاً وتسميته بالنقطة «ب» لمعرفة ما يحتاجه من النقطة «أ» إلى النقطة «ب» للوصول إلى التخطيط الصحيح وأدواته، إلى ذلك فإن تحديد الهدف مهم، فالإنسان بلا هدف كسفينة بلا دفة، كلاهما سينتهي به الأمر إلى الصخور، موضحة أن الهدف الجيد تتوفر فيه مواصفات مثل: «محدد، قابل للقياس، قابل للإنجاز، واقعي، محدد بزمن»، وبذلك يختلف عن الأمنية. كما أوضحوا أيضاً أنه لوضع خطة ناجحة لا بد من تحديد الأهداف في مدة محددة وتحديد كيفية تحقيقها من خلال توظيف مجموعة الموارد المتاحة كأنشطة في تحقيق الأهداف موزعة على مدة زمنية محددة والتخطيط العام يقودك لتعرف موقعك من الواقع وإدراك الهدف الذي يقود إلى إدراك الأسباب، مما يقوي الدافع إلى الهدف. يشار إلى أن إحصائية أجريت على ثلاثة آلاف مراهقة في جامعات أمريكية تبين أن الارتجال في بداية الأسبوع يقود للفشل، وأن من يتبع التخطيط يحرز تقدماً ملحوظاً ولا يلجأ لعيادات الطب النفسي لطلب المشورة.