سوق عكاظ أحد الأسواق الثلاثة الكبرى في الجاهلية بالإضافة إلى سوق مجنة وسوق ذي المجاز وكانت العرب تأتيه لمدة 20 يوما من أول ذي القعدة إلى يوم 20 منه ثم تسير إلى سوق مجنة فتقضي فيه الأيام العشر الاواخر من شهر ذي القعدة ثم تسير إلى سوق ذي المجاز فتقضي فيه الأيام الثمانية الأولى من شهر ذي الحجة ثم تسير إلى حجها، وسكان سوق عكاظ الأوائل هم قبيلة هوازن وقبيلة عدوان. التسمية سمي بهذا الاسم لأن العرب كانت تجتمع فيه فيتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون. مكانه قال الأزرقي : وعكاظ وراء قرن المنازل بمرحلة، على طريق صنعاء. وقال ياقوت : قال الأصمعي : عكاظ : نخل في وادٍ بينه وبين الطائف ليلة، وبينه وبين مكة ثلاث ليال ٍ، وبه كانت تقام سوق العرب، بموضع منه يقال له (الأثيداء)، وبه كانت أيام الفجار. وقد اختلفت آراء المؤرخين والجغرافيين في تحديد موضع (سوق عكاظ). وقد حسم الخلاف في هذا الزمن بتحديده في مكان على طريق الطائف باتجاه الرياض على بعد 45 كم تقريباً. زمانه، ومدتة يكاد يجمع من كتب في (سوق عكاظ) أنه يبدأ في أول شهر ذي القعدة إلى العشرين منه. وذكر ابن عساكر عن حكيم بن حزام ررر قوله : وكنت أحضر الأسواق، وكانت لنا ثلاثة أسواق : سوق بعكاظ يقوم صبح هلال ذي القعدة، فيقوم عشرين يوماً. مظاهره يعتبر (عكاظ) سوقاً لكل البضائع المادية والأدبية، فإضافة إلى البضائع المادية كالتمر والسمن والعسل والخمر والملابس والإبل. فهو سوق للبضائع الأدبية، فيأتي الشعراء بقصائدهم لتعرض على محكمين من كبار الشعراء، معظمهم أو كلهم من بني تميم. ومن المظاهر التي كانت تسود سوق عكاظ: المفاخرة والمنافرة بين الناس. وربما قامت حروب بسبب منافرات قيلت في السوق كحرب الفٍجَار. ومن الممكن أن يرى زائر السوق بعض الآباء يعرض بناته للتزويج. وقد يحضر السوق بعض الخطباء المصاقع، كقس بن ساعدة الإيادي. ودخله النبي يعرض نفسه على مرتاديه ليحموه فيبلغ دعوة ربه الشعار الديني كان في موقع سوق عكاظ صنم "جهار" لهوازن، وكان سدنته آل عوف النصريون، وكانت معهم [ محارب ] فيه، وكان في سفح جبل (أطحل)، وكانت هناك أيضاً صخور يطوفون بها ويحجون إليها، وبها دماء البدن كالأرحاء العظام.والعرب تهل له كما تهل للحج، ولهم تلبية خاصة حين ينسكون "لجهار"، وهي (لبيك اللهم لبيك، اجعل ذنوبنا جبار، واهدنا لأوضح المنار، ومتعنا وملّنا بجهار). ويعتبر عكاظ موسماً من مواسم الحج في الجاهلية، فكانوا يذهبون إليه قبل منى.قال الأزرقي : وكانوا يرون أن أفجر الفجور العمرة في أشهر الحج، تقول قريش وغيرها من العرب : لا تحضروا سوق عكاظ ومجنة وذي المجاز إلا محرمين بالحج. فتبين من ذلك أن (عكاظ) موسم من مواسم الحج عند العرب في جاهليتها يسبق الوقوف بعرفة، ولأجل هذا التجمع الكبير لهؤلاء الحجاج استغل سوقاً أدبياً وتجارياً. نهاية سوق عكاظ في المسألة قولان : الأول : قال الخليل بن أحمد (ت 175 ه) : عكاظ اسم سوق كان للعرب يجتمعون فيها كل سنة شهراً ويتناشدون ويتفاخرون، ثم يفترقون، فهدمه الإسلام. وقال الجاحظ (ت255 ه): وكانوا بقرب سوق عكاظ وذي المجاز، وهما سوقان معروفان، وما زالا قائمين حتى جاء الإسلام. وقال الجوهري (ت 393 ه): عكاظ : اسم سوق للعرب بناحية مكة، كانوا يجتمعون بها في كل سنة فيقيمون شهراً ويتبايعون ويتناشدون شعراً ويتفاخرون، قال أبو ذؤيب:إذا بني القباب على عكاظ وقام البيع واجتمع الألوفُ أي بعكاظ، فلما جاء الإسلام هُدم ذلك. وقال ابن منظور (ت 711 ه) : وهي بقرب مكة، كان العرب يجتمعون بها كل سنة فيقيمون شهراً يتبايعون ويتفاخرون ويتناشدون، فلما جاء الإسلام هدم ذلك. والقول الثاني: أن الأسواق الثلاثة (عكاظ ومجنة وذو المجاز) استمرت حتى خرج الحرورية فخربوها. وممن قال بذلك : الكلبي، حيث قال : وكانت هذه الأسواق بعكاظ ومجنة وذي المجاز قائمة في الإسلام حتى كان حديثاً من الدهر، فأما عكاظ فإنما تركت عام خرجت الحرورية بمكة مع أبي حمزة المختار بن عوف الأزدي الإباضي في سنة تسع وعشرين ومائة، فخاف الناس أن ينهبوا، وخافوا الفتنة، فتركت حتى الآن، ثم تركت مجنة وذو المجاز بعد ذلك واستغنوا بالأسواق بمكة ومنى وعرفة.[14] وقال البكري : واتخذت سوقاً (أي عكاظ) بعد الفيل بخمس عشرة سنة، وتركت عام خرجت الحرورية بمكة مع المختار بن عوف سنة تسع وعشرين ومائة إلى هلم جرا. وسبب اندثاره بالإسلام، أمران : الأول : أن الإسلام يمنع من إحياء مآثر الجاهلية، وسوق عكاظ كما تقدم عيدٌ من أعياد أهل الجاهلية. وفي حديث ثابت بن الضحاك ررر قال " نذر رجل على عهد رسول الله (ص)أن ينحر إبلاً ببوانة فأتى النبي (ص) فقال : إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة، فقال النبي (ص)(هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قالوا : لا، قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا، قال : فأوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذرٍ في معصية الله، ولا فيما لايملك ابن آدم). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فقول النبي (ص)(هل كان بها عيد من أعيادهم ؟) يريد اجتماعاً معتاداً من اجتماعاتهم التي كانت عيداً، فلما قال : لا، قال له : (فأوف بنذرك)، وهذا يقتضي أن كون البقعة مكاناً لعيدهم مانع من الذبح بها وإن نذر، كما أن كونها موضع أوثانهم كذلك، وإلا لما انتظم الكلام ولا حسن الاستفصال، ومعلوم أن ذلك إنما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها، أو لمشاركتهم في التعييد فيها، أو لإحياء شعار عيدهم فيها، ونحو ذلك، إذ ليس إلا مكان الفعل أو نفس الفعل أو زمانه". وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسائل كتاب التوحيد : السادسة : "المنع منه (أي النذر) إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله ". قال الشيخ عبد الله الدويش في شرح هذه المسألة : " أي لقوله (فهل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية ؟) ولو لم يكن ذلك مؤثراً لما حسن السؤال عنه، ولم يفرق بين كونه موجوداً الآن أو فيما مضى". قلت : وإحداث الاجتماع بعكاظ، مع اللعب، والغناء، والبيع، والشراء، كما هو معمول به في هذه الأعصار، أوضح في التشبه بأعياد المشركين، وإحياء أعيادهم الجاهلية التي محاها الإسلام. فإن قال قائل : إن الذين يجتمعون الآن لا يتعبدون الله كما في حديث الذي نذر أن ينحر إبلاً ببوانة. فالجواب : أن النبي (ص) سأله عن وجود عيد من أعياد الجاهلية، والأعياد تجمع العبادة واللعب والاجتماع، فإذا خلت من العبادة فلا تخلوا من الاجتماع واللعب، وهذا حاصل في سوق عكاظ الآن. ثم إن النبي (ص) لما هاجر إلى المدينة وجدهم يلعبون في يومين، فقال (ماهذان اليومان ؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال (ص) قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ويوم الفطر.= ولم يذكر لأهل المدينة عبادة في هذين اليومين الجاهليين، فدل على أن العيد قد يجمع عبادة وعادة، وقد يختص بعادة دون عبادة. الثاني : هو أن الإسلام لما جاء اعتمد الشهور القمرية، فصارت الشهور تدور في الفصول الأربعة، وكانت العرب قبل ذلك يعملون على تثبيت تلك الأسواق في مواسم ثابتة من السنة لمصلحة مايجبى إلى السوق من محاصيل الزراعة والغلات والنتاج ووفاء الديون وما إلى ذلك.[21] وهذا هو النسيء الذي ذكره الله تعالى عنهم. ويؤيد المقريزي هذا الرأي حيث يقول : وكان يقع حج العرب في أزمنة السنة كلها، وهو أبداً عاشر ذي الحجة من عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، فإذا انقضى موسم الحج تفرقت العرب طالبة أماكنها، وأقام أهل مكة بها، فلم يزالوا على ذلك دهراً طويلاً إلى أن غيروا دين إبراهيم وإسماعيل، فأحبوا أن يتوسعوا في معيشتهم، ويجعلوا حجهم في وقت إدراك شغلهم من الأدم والجلود والثمار ونحوها، وأن يثبت ذلك على حالة واحدة في أطيب الأزمنة وأخصبها، فتعلموا كبس الشهور من اليهود الذين نزلوا يثرب من عهد " شمويل " نبي بني إسرائيل، وعملوا النسيء قبل الهجرة بنحو مائتي سنة...الخ.[22] نموذج من احتساب العلماء : قال عاتق بن غيث البلادي: وفي سنة 1395 ه قررت رعاية الشباب إحياء سوق عكاظ، ودعت كبار الأدباء والكتاب إلى مؤتمر عقد في الرياض، فقرروا الدعوة إلى مؤتمر في مكان حدد بأسفل (شرب) كما قدمناه، يشترك فيه أهل الأدب والفن والتجارة، على أن يقام كل صيف، ومن المؤمل أن يتم ذلك في السنة المقبلة 1396 ه باسم سوق عكاظ.كان هذا القول أثناء تبييض هذا الجزء، ولكن حتى الآن سنة 1401 ه لم يتبين شيء، وقد اعترض بعض العلماء على الفكرة فجمدت، والفكرة ليست ذات فائدة كبيرة، وليست لها حاجة دنيوية ملحّة، أما من الناحية الدينية فقد تحمل بذوراً سيئة. ويقول الكاتب عبدالله خياط في مقال له في عكاظ يوم 23 شوال 1432 : (لصاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة الفضل كل الفضل لاحياء سوق عكاظ بعد مضي دهر عليها وهي مغلقة حتى في الحديث عنها بعد ان كانت السوق الاكبر والاشهر في تاريخ العرب).