هنا أبجدية تشعرنا وكأنَّ الماءَ يُجرِي حروفها ويجري في أدق تفاصيلها فثمة ما يتلأْلأُ ليدعونا نحو مائدة من النضج في صناعة الكلمة واستعادة الحياة ؛ هكذا وبلغةٍ مُدركة يانعة تقطف لنا الأنيقة (أماني أحمد) فكراً لا يتكرر كثيراً وتقدم لنا من بين ألمٍ وأمل وإشراقة ومغيب نصاً مزدحماً بالكثير من محطات الإدهاش ؛ اقرؤوها بهدوء وسوف تستقر بالأعماق . تسمعُ اللَّحن.. وَ تسهُو إبانَه.. تقطَعُ الوَقت، وَ الأزماتْ.. وَ أتعاب يومها بقلبٍ فاتِر، ليسَت صامِدة، بل إنَّها تبكِي حين لا تجدُ حلاً، وَتضحَك لأنَّ الحُلول ليسَت إلا سَاعة مُؤقَّتة كالتي تجدها في السِّباق «الفتاة غير المعدُودة، أعلى الرفّ ساعَة الاحتيَاج.دخلَتْ معَ البابِ الخطأ، وَتُوشكُ على الانصراف منَ المخرجِ الخطأْ.. تعرفُ أن ليسَ بإمكانِها أن تستخدم سلالِمَ الطوارئِ دائماً.. تعرُف أنَّها حالة طارئَة.. ولا تتخلَّص منها.ربّما تنتبِه في وقتٍ مُتأخِّر، أنَّ أنفاسَها مخطُوفة، وَيداها زرقاوتَان كَالبحرِ لمَّا يُهيّأُ للمنامْ. تُرشدُها النَّوارِس، و: « زيَّنا السَّماء الدّنيا بِمصابيحَ وَحِفظاً « وَ حتى تصحُو على حقيقة: أنَّها سماءٌ أُخرى تزعمُ التّشابُه، وَ القُدرة.. تكون قد سقطتْ لأنَّها بِلا عمَدْ. - تشربُ الماءْ؟ لاتفعل، أعني أنَّها لاتروَى منذ حادثَة الغرق التي مَلأتْ رئتيْها .. لا تستطيع، تُباعدُ شفتيْها كلَّما نزلَ القطْر.. ثمَّ تطفُو على السطحِ تُفسِّرُ الظّمأْ . - هذا لأنَّها لا تتحدّث؟ ربّما، لكنّها تكتب، وتشعر بأنَّ لِسانها قد جفّ لِكثرةِ ما تتحدّث إلى نفسها. كتبَتْ عنها في ليلٍ عَكِسْ : حاولتُ الكتابة يا غريبْ. لا تأخذك التفاصِيل، إنَّها محمومَة تهذِي.. وَ تشعر أنّ الجميع يخونها حين ينَام، وَ هي تُقارِبُ بين أجفانِها. هذهِ آخِرُ ورقَة خريفيّة سقطَت عند قدمِي، ارتأيتُ الخطَّ فيها. إذ أنّ أصابعي تجمُد في الشِّتاءْ، وَ أحبالُ صَوتي تتقلّص. ماذا تظنّ؟ أن تراني في فصلِ البيَاتْ؟ اُتركِ اللّيلَ رهواً، واعلُ بصَوتِك، أُريد أن أصحُو، أن يعرفَ الوجعُ أنَّ عينيَّ مفتوحتان، فتطيرُ الرِّيحُ إلى ساقَيْه. في يقظَةٍ خَدِرَة: أما زِلتَ تسألُ عن النَّوارِس؟ - أسألُ عنكِ حين تنامِين. وَ يصحُو الكلام. لستُ غريباً الآن. **الكاتبة أماني أحمد