القمة الخليجية ال 33 وضعت في اولوياتها حماية دول التعاون ومصالحها وسيادتها من التدخل الخارجي، كما أكدت الممكة في الكلمة التي ألقاها رئيس وفدها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع على دعوتها التي تؤكد على الاستمرار نحو " اتحاد الخليج". دول مجلس التعاون وتحديات برامج التنمية يتفق الكثير من الخبراء الاقتصاديين بدول المنطقة على أهمية أن تراجع دول مجلس التعاون جميع الفرص المتاحة أمامها والقيود المفروضة عليها والتحديات التي تواجهها لصياغة مسارات جديدة نحو المستقبل تتفق وطموحاتها وتطلعات شعوبها الى غد أفضل لاجيالها.ويستوجب هذا الامر تحديد الدروس المستفادة من الانجازات المرتبطة بالمسيرة التنموية لكل دولة من دول المجلس أو تلك المرتبطة بمسيرة العمل المشتركة لهذه الدول كمنظومة واحدة بغية تحديد مسارات أفضل لحركتها تجاه غاياتها المنشودة في العقود الاولى من القرن الحادى والعشرين.ويمكن القول في اطار المراجعة والتقويم إن محصلة المسيرة التنموية لدول الخليج العربية في مسعاها التكاملي تتضمن قدرا كبيرا من الانجازات في كافة مجالات العمل التنموي تحيطه مجموعة من التحديات الجسام التي تتعامل معها السياسات الوطنية والسياسات التكاملية في آن واحد. ومع ذلك فإن التطورات العالمية والاقليمية والمحلية قد أفرزت في السنوات الاخيرة متغيرات ومستجدات لها اثارها ليس فقط على مسيرة العمل الانمائي في كل دولة من الدول الساعية الى التقدم الاقتصادى والاجتماعى ومنها دول مجلس التعاون ولكن أيضا على مستقبل هذه الدول واستمرارية وجودها وفاعليتها في المسيرة الحضارية العالمية خلال القرن الحادى والعشرين.ولا ريب أن التعامل مع هذه المستجدات سوف يشكل أحد التحديات البارزة في أي جهد تنموي خلال المراحل المقبلة. فعلى صعيد الجهود الوطنية لدول المجلس نجد ان من أبرز التحديات التي تعايشها المسيرة التنموية الوطنية بدرجة أو بأخرى ولم تتخلص منها رغم مرور أكثر من أربعة عقود تنموية بهذه الدول هو استمرار هيمنة الموارد الاحادية على مصادر توليد الدخل والذي يؤدي الى تضييق خيارات التنمية وفرص الكسب واستمرار محدودية الطاقة الاستيعابية للاسواق المحلية بسبب الاعتماد المفرط على الاستيراد وعدم قدرة القطاع الصناعى على تلبية الطلب المحلي الاستهلاكي والاستثمارى والصعوبات التي يواجهها في التعامل مع التقنيات الحديثة وبناء قدرة تقنية ذاتية واستمرار اختلال هيكل الانفاق لصالح قوى الاستهلاك على حساب قوى الادخار والاستثمار الانتاجي. ومع أن الاعتماد على الموارد النفطية قد اقترن بظاهرة التذبذب المستمر في كل من الدخل والانفاق الا أن هذه الظاهرة لم تؤخذ كواحدة من المعطيات التي تستلزم تبنى البدائل الكفيلة بتحقيق مسيرة تنموية مستقرة في كافة أبعادها الاجتماعية والاقتصادية.اما على صعيد مسيرة العمل المشترك فيمكن التمييز بين مجموعتين من التحديات التي تواجه مسيرة العمل المشترك لمنظومة دول مجلس التعاون تتمثل الاولى في تلك التحديات المرتبطة بمسيرة التنمية في كل منها وبطبيعة الخصائص الجيو سياسية لها والخصائص الموردية والسكانية. أما المجموعة الثانية فتتمثل في تلك المستجدات الناشئة عن التطور في النظام الدولى خلال العقدين الاخيرين من القرن العشرين.وتؤكد وثيقة استراتيجية التنمية الشاملة لدول مجلس التعاون ان الغاية المحورية لاستراتيجية التنمية الخليجية خلال الفترة "2000 2025" تتمثل في تحقيق مسيرة تنموية مستدامة ومتكاملة لدول المجلس في كافة المجالات وتعميق التنسيق بين الانشطة التي تتضمنها خطط التنمية الوطنية وأن تتسم الاستراتيجية بالمرونة اللازمة لخدمة أهداف التنمية في كل دولة على حدة وعلى مستوى دول المجلس كمنظومة واحدة وصولا الى الارتقاء المتواصل بنوعية الحياة فيها وتحقيق قدرة ذاتية للتكيف مع مستجدات وتحديات القرن الحادى والعشرين. ويتفرع عن هذه الغاية المحورية مجموعة من القضايا الاستراتيجية التي يقترن الوصول اليها بتبنى مسارات انمائية طويلة الاجل تتضمن الاليات والاجراءات الضرورية لتحقيقها مثل قضية التنمية المستدامة والقضايا الامنية والدفاعية والتكامل الاقتصادى وقضايا بناء القدرة العلمية والتقنية وقضية التعامل مع التكتلات الاقتصادية والاقليمية. والى جانب ذلك فان الحديث عن التوجهات المستقبلية لخطط التنمية الاقتصادية لابد ان يتناول النواحى الاقتصادية والمجتمعية الاخرى وخاصة فيما يتعلق بالتكامل الاقتصادى ودور القطاع الخاص وبرامج الاصلاح الاقتصادى وتنمية الموارد البشرية ووضع الاهداف والسياسات والاجراءات الملائمة لتحقيق هذه الاستراتيجيات.فلابد من تسريع الخطوات لتحقيق التكامل الاقتصادى بين دول المجلس وذلك من خلال الاهتمام بالبعد التكاملى في خطط وبرامج التنمية بدول مجلس التعاون مع التوسع في المشروعات الخليجية المشتركة والسعى لانشاء السوق الخليجية.إن التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون على المستوى الانمائى تستدعى ايضا تبنى برامج لزيادة مساهمة القطاع الخاص في التنمية سواء من خلال الاستثمارات الجديدة او برامج الخصخصة مع مراعاة الابعاد الاجتماعية ودراسة التحديات التي تفرضها العولمة وما بعد مرحلة قيام منظمة التجارة العالمية كى تتعامل معها دول المجلس مجتمعة ككيان اقتصادى موحد وكذلك التنسيق بين خطط التنمية في دول مجلس التعاون في ضوء خبرات التخطيط الماضية والمتغيرات المحلية والاقليمية والعالمية الجديدة. اما بالنسبة لبرامج الاصلاح المالى والاقتصادى فانها يجب ان تستهدف مواجهة العجز في الموازنات العامة في دول المجلس والحرص على تحقيق الاستقرار الاقتصادى والاهتمام بالتطوير التقنى كأحد اهم محاور السياسات الاقتصادية وتنسيق اسواق العمل بين دول مجلس التعاون بهدف معالجة مشكلة البطالة في دول المجلس واحداث تغييرات ايجابية في التركيبة السكانية. كذلك هناك ضرورة لاعطاء اهمية اكبر لبرامج تنمية الموارد البشرية كمحور رئيسى لمسيرة التنمية ورفع مستوى التعليم الاساسى ووضع سياسة سكانية واضحة تهدف الى ايجاد توازن بين معدلات النمو الاقتصادى والسكانى بغرض رفع المستوى المعيشى للفرد وتحديد دور الحكومة في النشاط الاقتصادى وتطويره ليقتصر على دور الموجة الاستراتيجى وتوجيه الانفاق العام تجاه تحقيق وتطوير الوظائف الاساسية للدولة وما يعجز القطاع الخاص عن القيام به او لا يرغب في ادائه. وعلى المستوى العالمى فان التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون تتمثل في عولمة الاقتصاد وتحرير التجارة العالمية والتكتلات الاقتصادية الكبرى. ان ابرز استجابة ممكنة من قبل دول مجلس التعاون لهذه التحديات تكمن في اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز تكتلها وتعاونها الاقتصادى فلقد لاحظنا ان العديد من التكتلات الاقتصادية الاخرى سواء كدول او كمجموعة باتت تتصرف في علاقاتها الدوليه على اساس انتمائها للتكتل.ان مفهوم الشراكة الاقتصادية المتوازنة ينصرف الى اعطاء المصالح الاقتصادية للجانب الخليجى نفس الثقل والحجم المعطى حاليا للمصالح الاقتصادية للشركاء الاقتصاديين كما ينصرف الى ربط مصالح الجانبين معا ضمن منظومة تحقق المنافع الاستراتيجية المشتركة. أهمية الاتحاد الجمركي الخليجي الموحد أكدت فعاليات اقتصادية وجمركية خليجية على المردود الايجابي الذي أحدثه الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي الذي بدأ تطبيقه في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي على اقتصادات دول المجلس. وقالوا ان هذا الاتحاد الجمركي سيزيد مجلس التعاون قوة وترابطاً وسيزيد من حركة التجارة البينية فيما بين دوله ومع العالم الخارجي.وأكدت هذه الفعاليات ان الاتحاد الجمركي سيفيد دول المجلس في مفاوضاتها وعلاقاتها التجارية الخارجية خاصة مع دول الاتحاد الأوروبي التي لا تزال تفرض رسوماً جمركية عالية على بعض صادرات دول المنطقة خاصة الألمنيوم، وكانت دائماً تصر على التعامل مع وحدة جمركية خليجية مشتركة لتخفيض هذه الرسوم.كما أكدت الفعاليات ان قيام الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون سيكون بمثابة خطوة هامة لقيام السوق الخليجية المشتركة التي ستكتمل مع اعتماد عملة خليجية موحدة تفيد بدورها في تسهيل آليات تطبيق الوحدة الجمركية. وأشار خبراء اقتصاد الى ان «قيام الاتحاد الجمركي الخليجي سيعطي قوة دفع اضافية للتكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون، وهذا الأمر سينعكس على الدول الأعضاء منفردة وعلى مجلس التعاون كتكتل اقليمي اقتصادي». وجاء في ملف اصدرته وكالة أنباء البحرين ان «الاتحاد الجمركي الخليجي ستكون له ايجابيات متعددة على دول الاتحاد ومواطنيها بشكل عام، فانتعاش الوضع الاقتصادي سيعم الجميع دولاً وأفراداً، كما ان البيئة التي تتوفر فيها حرية انتقال الأفراد والسلع والاموال والخدمات من دون قيود او عقبات جمركية وغير جمركية، هي بيئة اقتصادية متحررة تعكس نفسها على الجميع بصورة ايجابية». وأوضحوا ان «انجاز الاتحاد الجمركي الخليجي سينعكس ايجاباً على مستوى المفاوضات بين دول مجلس التعاون والتجمعات الاقتصادية الدولية مثل المجموعة الأوروبية، التي اشترطت سابقاً لتوقيع اتفاقية منطقة تجارة حرة بينها وبين دول المجلس، اقامة الاتحاد الجمركي الخليجي كمقدمة للتقدم في المفاوضات معها، وينطبق هذا ايضاً على مفاوضات المجلس مع بقية التجمعات الاقتصادية الدولية الأخرى لتحقيق مكاسب اقتصادية جراء تحرير التجارة وازالة الحواجز والرسوم الجمركية، ويعطيها مرونة اكبر وفاعلية اكثر في تحقيق مصالحها في هذه المفاوضات. كما ان هذا الاتحاد يعطي لدول المجلس حرية تبادل المكاسب التجارية فيما بينها من دون ان تكون ملزمة بتوفير المكاسب التي تحققها فيما بينها الى جميع الدول الأعضاء في منظمة الجمارك العالمية وفق المبدأ الذي أقرته اتفاقية منظمة التجارة العالمية وهو «الدولة الأولى بالرعاية». وجاء في الملف انه وبقيام هذا الاتحاد الجمركي «تزداد القوة الاقتصادية لدول مجلس التعاون ويزداد الترابط فيما بينها، وهو بلا شك يعد خطوة مهمة على طريق قيام السوق الخليجية المشتركة كخطوة هامة ايضاً لاقامة السوق العربية المشتركة، خصوصاً ان هناك لجاناً مشتركة عديدة بين دول مجلس التعاون تقوم بدورها في هذا الصدد الذي سيكون من بين اسسه المهمة قيام عملة خليجية موحدة». وتابع «ان وجود عملة موحدة سيزيد من الامر سهولة فيما يتعلق بتحصيل وتوزيع الايرادات الجمركية بدلاً من اختلاف العملات وقيمتها حالياً». ويقول الخبراء ان «توحيد الرسوم الجمركية في كل المنافذ في دول مجلس التعاون سيجعل البضاعة تتجه الى الموانئ والمنافذ الجمركية التي تقدم خدمات وتيسيرات افضل للعملاء وتلك التي تتوافر فيها خدمات خطوط ملاحية واجراءات تخليص افضل، وستكون لموانئ الدولة فرصة كبيرة في هذا المجال نظراً للخدمات التقنية العالمية المتوافرة فيها».وتؤكد هذه الفعاليات ان الاتحاد الجمركي الخليجي يصب في مصلحة جميع الدول الخليحية خاصة وقد انضمت خمس منها لمنظمة التجارة العالمية وهناك السعودية في طريقها للانضمام. وفي حال وجود تعرفة موحدة فان دون المجلس ستعامل ككتلة واحدة ولا تسري التسهيلات الداخلية بينها على باقي الدول الأعضاء في المنظمة. السياسات النقدية لدول التعاون بالفعل قرر المجلس الاعلى في دورته الحادية والعشرين المنامة2000 اعتماد مثبت مشترك لعملات الدول الاعضاء هو الدولار الاميركى كمقدمة على سبيل العملة الموحدة كما قررت توحدى العملة النقيدة بحلول عام 2010م.ويمكن القول أن تجديد طرح موضوع العملة الموحدة الخليجية على أهميته وأصالته في ذاته قد اتخذ دفعة قوية بظهور اليورو الاوروبى للوجود بدءا من عام 1999 وذلك لاعتبارين الاول هو ما يمثله اليورو نفسه من نموذج فالدول الاوروبية المشكلة لمنطقة اليورو قد قطعت طريقا طويلا يمتد نصف قرن الا قليلا وهو طريق لم يكن بالممهد بحال من الاحوال بل على العكس اعترضته عوائق شتى اقتصادية وسياسية الا أن الادراك الواعى لحسابات المصلحة القومية قد تمكن من تجاوز هذه الصعوبات ليفرز في النهاية هذا النموذج المثالى لتجمع اقتصادى يبلغ أقصى طموحاته التكاملية ويفرض ذاته عالميا بجسارة.الاعتبار الثانى يتعلق بطبيعة العلاقة الذي تربط دول اليورو بدول مجلس التعاون وهى علاقات وطيدة فالاتحاد أحد ثلاثة شركاء رئيسيين الاخران هما اليابان والولايات المتحدة لدول المجلس.وتعد دول الخليج خامس أكبر سوق لصادرات الاتحاد الاوروبى متفوقة في ذلك على الصين ودول اتحاد الكومنولث المستقلة حيث تقارب وارداتها منه 40 في المئة من اجمالى وارداتها السلعية في حين لا تزيد صادرات دول مجلس التعاون الى الاتحاد الاوروبى على 15 في المئة من اجمالى صادراتها. وفي هذا الاطار ينظر للوحدة النقدية الخليجية على أنها تعزيز للكيان الخليجى الموحد الذي يستطيع أن يتعامل مع أوروبا والعالم من موقع قوى كما تعد وسيلة لتعميق الروابط الاقتصادية مع سائر دول العالم ومنها الاتحاد الاوروبى كشريك رئيسى بسبب خفض تكاليف التعامل داخل المنطقة الامر الذي يحقق زيادة في معدلات الادخار الخاص والعام للموءسسات داخل المنطقة وخارجها وهى كذلك فرصة لمضاعفة المنافع المتوقعة من الوحدة النقدية الاوروبية والتي تشمل ضبط عجز الموازين التجارية الخليجية مع الاتحاد الاوروبى كنتيجة لانخفاض تكلفة الواردات الناتجة بدورها عن تخفيض معدلات التضخم الاوروبية.كما أن أسعار الصرف الاوروبية المستقرة ستؤدى الى انتعاش الصادرات الخليجية التي تتضرر دوما من وجود عملات ضعيفة داخل الاتحاد الاوروبى كذلك فالتداول باليورو سيسهل على المستورد الخليجى التعامل مع عملة موحدة بدلا من التعرض لمخاطر التقلبات في أسعار عدة عملات مقابل بعضها البعض. وفي حالة دول مجلس التعاون يعتبر كثير من الخبراء أن الشروط المتوافرة حاليا لدى هذه الدول تجعل عملية توحيد العملة أسهل بكثير من أى منطقة أخرى ذلك أن غالبية عملات هذه الدول مرتبطة بالدولار بسعر ثابت وبالتالى فان العملات ثابتة فيما بين بعضها كما شملت مجالات التنسيق النقدى الخليجية معدلات الصرف والائتمان المصرفي والرقابة والاشراف على الجهاز المصرفي وكذلك أنظمة المقاصة والتدريب.وتم تثبيت معدلات الصرف التقاطعية فيما بين عملات خمس دول من الاعضاء التي لديها معدل صرف ثابت بالدولار وكان تقلب معدل صرف الدينار الكويتى مقابل العملات الخمس الاخرى في مجال ضيق جدا نظرا لارتباط الدينار الكويتى بسلة عملات يشكل الدولار ثقلا كبيرا بها.وأخيرا فإن جميع دول مجلس التعاون تسمح بنظام حرية دخول وخروج رؤوس الاموال كما تسمح بالاستثمار والتملك لابناء دول المجلس.