ظلّت المعارك الأدبية سمة بارزة في مسيرة الأدب على اختلاف أوقاته الممتدة الطويلة. وخرج من غمارها فنٌ أدبيّ جميل, بعيدٌ عن قول الهجر من الكلام, وقريب من الموضوعية التي تفنّد الحجج وفق منطق سليم. وليس عهد الأديب الراحل محمود شاكر ببعيد, والذي كان مفوّهًا وبليغًا حدّ الدهشة, وعقلانيًا حد الاندفاع والحب لما يكتب من براهين وأدلة يدين بها أقلامًا كانت رائدة حركة التغريب في دولة مصر الشقيقة. خرج من غمار هذه المعارك, كتاب: المتنبيّ الذي حصل على جائزة الملك فيصل رحمه الله, وفيه من التوثيق والاستنباطات آراء وأفكار لم تأتِ بها الأوائل. وحتى لا أخوض في ذكر دقائق الأمور التي تبعت ذلك العمل الأدبيّ الرائد, ويخرج الكلام عن متوجه غرضنا المباشر. أردت الإشارة إلى هذا الجوّ الصحيّ الذي نفتقده في كتباتنا الصحفية المنشورة في وسائل الإعلام. فما نراه غالبًا لا يتعدى الخصام والمناحرة والشتم بأقذع الألفاظ وأشنأها, وترك القضية والذهاب إلى صاحب القضية شخصيًا بالزور والبهتان أو بتلفيق ما ليس يمت للموضوع بصلة تفيد من قريبٍ ولا بعيد.! وإن كان هناك بعض السلبيات للكتاب والمثقفين إلا أن القليل قد يخرج بما نريد ونتمنى لأن يكون عليه حال الكتابات جميعها. وما أردت أن أدلي به هو ضرورة وجود اتجاهين أدبيين متضادين, لأنه الهدف الأساسي في المعارك الأدبية. والذي قد يصل بنا إلى هدف معين يفتح نافذة استنتاجات جديدة.