إن للمكيين من الآداب والعادات والتقاليد ما تميزهم عن غيرهم، وكذلك فإن لهم أسالبيهم الأدبية الراقية التي تدل على أدب الكلمة الطيبة الرقيقة اللينة المتفائلة دائماً كقولهم مثلاً للحجر الأسود : الحجر الأسعد، اشتقاقاً من السعادة وتفاؤلاً بها، وقد كان هذا الحجر في أصله أبيض اللون، وإنما سوّدته خطايا وذنوب بني آدم كما ورد في الحديث الشريف، وشتّان ما بين السواد والبياض، وجاء الحديث أيضاً في شأن هذا الحجر ما نقله ابن خزيمة في كتابه بلفظ صحيح، قال: "الحجر الأسود ياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة"، وفي حديثٍ آخر: "إن الحجر الأسود يشهد لمن استلمه وقبله بحقٍ يوم القيامة"، فبهذه الشهادة يكون الإنسان في غاية الفرح والسعادة، وهذا ما يقصده أهل مكةالمكرمة بقولهم (الأسعد) إذ لا يليق عندهم أن يطلق على هذا الحجر "الأسود"، بل الأسعد (من باب الأدب) في الألفاظ والمعاني وهو من أحجار الجنة، الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين، وكذلك قولهم للأعمى (بصير) تفاؤلاً له بالقدرة على الإبصار، فهو إن فقد بصره الظاهري، فإنه لم يفقد بصيرته الداخلية فهو إذن بصير بقلبه، مراعاةً له في حاله، ومن كُفّ بصره قد يكون ممن أراد الله له الخير، بأن كفّه عن النظر إلى محرم، وكذلك قولهم لمكان الخلاء أو الحمام - بيت الماء - ، بل وأحسن من هذا يكنّوه (بيت الأدب)، فإذا أراد أحدهم قضاء حاجته قال: أنا ذاهب إلى بيت الأدب. صفحة "Salwa AK "