اتسمت الحياة قديماً بطابع البساطة والتقشف وكان إيقاعها رتيباً ومجهداً يتطلب الكثير من العمل لتوفير لوازم الحياة التي لم تكن ميسرة في معظم جوانبها كما هي في الوقت الحاضر، لذا كان أداء فريضة الحج يتطلب استعداداً مسبقاً من كافة النواحي المادية والاجتماعية، إضافة إلى اتخاذ الكثير من الاستعدادات مسبقاً، لذا غالباً ما يشارك الحاج أفراد أسرته وأقاربه وجيرته في ذلك نظراً لمتانة الصلات الاجتماعية بين كافة أفراد المجتمع في منظومة اجتماعيه منسجمة وفريدة في توادها وتراحمها، وللحج في ذاكرة السيدات خصوصاً وقع بهيج محمل بالتفاصيل الحميمة التي مازلت توقظ الحنين لما مضى ولمن مضى، حيث كان الاستعداد لاستقبال موسم الحج، أما بالمشاركة في عاداته الاحتفالية للمقيمين أو الصاعدين لأداء الفريضة، أو للقائمين بمساعدتهم في تجهيز أمورهم باعتبار أن ذلك عمل جماعي لنساء الأسرة المقيمات جميعاً في المنزل الأبوي الكبير، كما ساد قديماً إضافة للخالات والعمات والقريبات والجارات.. وسنستعرض بعض تلك الذكريات البهيجة. وكانت بقشة الحج هي المفردة الأولى التي يبدأ بها تجهيز الحجاج والحاجات لأداء الفريضة، حيث تجهز ربة المنزل إحرامات الحج للرجال والنساء والأطفال قبل دخول شهر الحج بفترة مناسبة ويقمن في الغالب بخياطتها بأنفسهن من قماش البفتة البيضاء ثم تحولن إلى قماش (التترون) بعد ذلك، ويحرصن أن يكون الثوب ساتراً ومنسجماً مع الضوابط الشرعية، أما أغطية الرأس المسماة (مسافع) فتحضر من قماش (البوال) بأحجام كبيرة بحيث تحجب الرأس والنحرة. أما بالنسبة للرجال والأولاد فقد كان يعد للحج إزارين غير مخيطين من قماش أبيض سميك وحزام جلدي يسمى (كمر) لتثبيت الإزار المحيط بالجزء السفلي من الجسم، ثم استعملت بعد ذلك المناشف القطنية ذات الأحجام الكبيرة والمعدّة لذلك الغرض لتصبح كافة ملابس الحج ولكل أفراد الأسرة جاهزة وتباع في الأسواق. ثم تتسابق السيدات والجارات والقريبات للمشاركة في معمول الحج المنقوش بالزخارف، أما الأطفال فهو عيدهم الأول حيث ينالون هداياهم من الكعك المميز المخصص لهم. صفحة "أخبار سعودية"