جددت المملكة العربية السعودية تأكيدها على أن التخلص من الاسلحة النووية يشكل الضمان الأكيد في مواجهة استخدامها أو التهديد باستخدامها. جاء ذلك في كلمة المملكة التي القاها صاحب السمو الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الاطراف امس أمام "الاجتماع رفيع المستوى المعني بمكافحة الأرهاب النووي مع التركيز على تعزيز الاطار "القانوني الذي عقد في نيويورك امس فيما يلي نص الكلمة: بسم الله الرحمن الرحيم السيد الرئيس: أصحاب المعالي والسعادة: يسر وفد بلادي أن يتقدم لمعاليكم بالشكر والتقدير على الجهود التي بذلتموها بصفتكم رئيسا لهذا الاجتماع الذي يعد خطوة هامة للأمم المتحدة نحو عالم خال من الأسلحة النووية، كما يؤكد كفاءتكم العالية والمكانة المتميزة لمنظمة الأممالمتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية. السيد الرئيس: على مدى أكثر من ستين عاما مضت والعالم أجمع يعول على ميثاق الأممالمتحدة بشكل كبير، وعلى مجلس الأمن كأداة لضمان تحقيق السلم والأمن الدوليين. لقد خطى المجتمع الدولي خطوة رئيسية تجاه عالم أكثر أمنا عندما أقرت الجمعية العامة في دورتها ال 59 قرارها رقم 290 /59 المعنون "الاتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووي". وقد كانت بلادي من أوائل الدول التي وقعت وصادقت على الاتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووي عام 2007م، وكذلك انضمت بلادي لاتفاقية الحماية المادية للمواد النووية عام 2009. السيد الرئيس: سبق أن تقدمت المملكة العربية السعودية في عام 2005، بتقرير يتضمن الخطوات الخاصة بتعزيز تحقيق إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، استجابة لما ورد في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 2000. وفي هذا السياق فإن حكومة بلادي ما زالت تؤكد على ما تضمنه التقرير من شواغل يأتي في مقدمتها إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي تبنته الجمعية العامة منذ عام 1974م حتى الآن بل إنه أصبح يعتمد بتوافق الآراء منذ عام 1980م، وحيث إن استتباب الأمن والاستقرار في أية منطقة لا يأتي عن طريق امتلاك أسلحة ذات دمار شامل، بل يمكن تحقيقه عن طريق التعاون والتشاور بين الدول والسعي نحو تحقيق التنمية والتقدم وتجنب السباق في امتلاك هذا السلاح الرهيب. ولهذا فإن حيازة إسرائيل لأسلحة نووية يعتبر عقبة أساسية أمام تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة على الرغم من كل ما تطرحه من تبريرات في سبيل امتلاكها وتطويرها لأسلحة الدمار الشامل وعلى وجه الخصوص الأسلحة النووية يعد تناقضا واضحا وصريحا مع كل ما تدعيه من رغبة في إحلال السلام مع شعوب ودول المنطقة. كما أن عدم تعاون إيران على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بملفها النووي لا يدعم تعزيز الثقة في المنطقة لاسيما أن إيران تقوم بعمليات تخصيب لليورانيوم بدون موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. السيد الرئيس: لا يفوتني اليوم إلا أن اقدر الجهود التي يقوم بها مجلس الأمن وخاصة اللجنة المنشأة عملا بقراره رقم 1540 لعام 2004م لمراقبة ومنع تقديم الدعم بأي وسيلة من الوسائل إلى الجهات من غير الدول في استحداث أسلحة نووية أو كيميائية أو بيولوجية ونظم إيصالها أو حيازة هذه الأسلحة والنظم وصنعها أو امتلاكها أو نقلها أو تحويلها أو استعمالها، ونؤكد في هذا الشأن على أهمية تفعيل القرار ذاته للحد من وصول أسلحة الدمار الشامل إلى أيدي المنظمات الإرهابية والعمل على تشديد الحراسة على موفري الخدمات النووية للتأكد من عدم إمدادهم لجهات غير شرعية بالمواد أو التقنية النووية. واجتماعنا اليوم خطوة إستراتيجية للحد من تسرب المواد النووية ومنع وصولها إلى المنظمات الإرهابية. لقد أظهرت بلادي في أكثر من مناسبة تفاعلها السريع مع كل ما يدعو إلى تحقيق السلم والاستقرار الدوليين، حيث قدمت تقريرها إلى لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1540، وتبرعت بمبلغ 500،000 دولار لدعم أعمال اللجنة. كما وقعت على اتفاق الضمانات وبروتوكول الكميات الصغيرة المرفق به عام 2005م. وصادقت على الاتفاق الذي دخل حيز النفاذ بالنسبة للمملكة عام 2009م. كما تشارك المملكة بفعالية في اجتماعات قمة الأمن النووي على مستوى القمة وعلى مستوى كبار المسؤولين، وقدمت إسهامات فعالة لتعزيز خطة عمل القمة التي أقرت عام 2010م في واشنطن، وما تبع ذالك في قمة سيول عام 2012م. وما دعم المملكة إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأممالمتحدة إلا نموذجا لالتزامها بالعمل الجماعي وحفظ الأمن والسلم الدوليين وهما من أهداف سيادة القانون. وإننا ندعو جميع أعضاء المجتمع الدولي إلى التعاون مع المركز للاستفادة منه ولإفادته بما لديهم من خبرات لتحقيق الأهداف التي أنشئ من اجلها. السيد الرئيس: لقد أولت المملكة اهتماما كبيرا لمسألة انضمامها للاتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووي والمعاهدات التي تسعى لحفظ الأمن والسلم الدوليين، وتحث وتدعو كل محب للسلام أخذ زمام المبادرة والانضمام إلى الاتفاقيات ومشاركة المجتمع الدولي بناء مجتمع خال من أسلحة الدمار الشامل انطلاقا من حرصها على التعايش السلمي والتعاون بين الدول لما فيه مصلحة البشرية والمحافظة على مكتسباتها وإمكانياتها وتقليل مخاطر نشوب حروب تستخدم فيها أسلحة محرمة دوليا كالأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية. ويتجسد التزام المملكة بهذا الأمر على المستوى الدولي من خلال انضمامها إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية الرئيسية الخاصة بأسلحة الدمار الشامل النووية والبيولوجية والكيميائية وبروتوكول جنيف للغازات السامة ومعاهدة قاع البحار. السيد الرئيس: في الختام لا يسع حكومة بلادي إلا أن تعيد تأكيدها على أن التخلص من الأسلحة النووية يشكل الضمان الأكيد في مواجهة استخدامها أو التهديد باستخدامها، كما ترى المملكة العربية السعودية أخذ مخاوف العديد من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية على محمل الجد في ظل استمرارية عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والمخاطر المتعاظمة جراء الإحداث الأخيرة في المنطقة من خلال إعداد صك دولي ملزم يضمن سلامة واستقرار الدول الغير حائزة للأسلحة النووية. إننا نؤكد على ضرورة التعاون الدولي البناء القائم على المسؤولية المشتركة، بما يتلاءم مع أسس القانون الدولي في مختلف المجالات ولعل اجتماعنا اليوم يقودنا إلى تأسيس عالم آمن مستقر يخلو من التهديدات التي باتت تهددنا وتهدر طاقاتنا في الوقت الذي تحتاجه شعوبنا إلى الرقي والازدهار والسلام.