الأصل في الاستهلاك والشراء هو (الحاجة) وليس (الرغبة)، و "الحاجة الفعلية" تكون عادةً محدودة وعملية، أما الرغبة فهي جامحة ومتجددة ودائماً ما تكون مندفعة، تهتم فقط بالمظهر قبل الجوهر، والرغبة - مثل المظهر - وقتية و سريعة الملل، وبهذا تدور رحى الاستهلاك والشراء وكأنها نزيف دائم من اقتصاد الأسرة والمجتمع. ويفسر علماء الطب النفسي حالة الشراء على أنها ليست سوى حالة من حالات الإدمان تصيب الشخص وتظهر أعراض الشراء بالنسبة للمرضى عند البعض في صورة شراء أي شيء خارج عن احتياجاتهم أو شراء أنواع محددة من السلع والإسراف في شرائها مثل شراء كميات كبيرة من الملابس رغم وجود الكثير لديه، أو شراء أحذية لمجرد الإعجاب بشكلها، أو الإسراف في شراء التحف. وقد أثبتت الدراسات أن إصابة النساء بهوس الشراء أكثر من للرجال و لا يقل خطورة عن الإدمان وهو مرض خطير وأول من يستغل هذا المرض هو القائم على الحملات الترويجية التجارية والدعايات التي تتفنن بأساليب إقناع المصابين بهذا المرض الفتاك، حيث أوضحت العديد من الدراسات أن نحو 80% من الإعلانات التليفزيونية موجهة للمرأة لأنها صاحبة قرار الشراء في الأسرة. مرض عقلي هوس الشراء بصفة عامة هو مرض عقلي حقيقي ومعروف في الطب النفسي وهو يشبه الإدمان حيث يكون لدى الشخص لهفة شديدة للشراء وعدم القدرة على المقاومة وتكون الرغبة اندفاعية وشديدة وتفتقد السيطرة على إرادته، فتبدأ حالته بالتوتر بشراء بعض الأشياء القليلة التي لا يحتاج إليها دون التفكير في العواقب، وبعد تطور الحالة يبدأ الشخص في زيادة المشتريات حتى يشعر براحة أكبر . فراغ عاطفي يرى العلماء والمختصون في علم النفس أن من أسباب ظهور هذا المرض الاكتئاب والذي ينتج عنه نقص في مادة معينة في المخ وهي السيرتونين، فيصبح الشراء الوسيلة لإزاحة هذا الاكتئاب، كما يلعب الفراغ وبالأخص يكون أكثر عرضة له النساء غير العاملات أو كلا الجنسين الذين لديهم فراغ عاطفي يقومون بإشباعه عن طريق التسوق والشراء، فضلاً عن عامل الانتقام من الزوج، وقد يكون ناتجاً عن إهمال الزوج لزوجته وانشغاله عنها لفترات طويلة وهذا يدفعها إلى الثأر منه فتعتمد للرد على زوجها من خلال جيبه الخاص، معتبرة أن ماله عزيز عليه فتقوم بصرفه بطريقة مبالغ فيها، كما يلعب حرمان الطفولة في ظروف مادية لا تجعله قادراً على شراء ما يتمناه فعندما تتوافر لديه الأموال يقوم بتعويض هذا الحرمان بشكل مرضي مبالغ فيه، كما أن طبيعة العديد من المجتمعات تدفع الشخص إلى الشراء، حيث إن المجتمعات العربية لديها سلوك استهلاكي خاطئ بعكس الشعوب الأوروبية فهم أكثر حرصاً من الناحية الاستهلاكية، ومن ثم فإن العرب أكثر عرضة منهم للإصابة بهذا المرض، كما تلعب مغريات المدنية الحديثة التى تصيب كلاً من الرجال والنساء على حد سواء، دوراً في هذا المضمار. معالجة المرض لمعالجة هذا المرض فإن هناك العديد من الخطوات منها معالجة النفس وهو أن يعترف المريض بهذا المرض، كما يجب أن يحاول إقناع نفسه بأن هناك أساليب عديدة أخرى للترويح عن النفس غير الشراء مثل ممارسة الرياضة أو الخروج مع الأصدقاء أو الذهاب إلى السينما، ويجب اختيار الوقت المناسب للتسوق، فأفضل الأوقات للشراء تكون أيام الأجازات والعطلات، كما يجب أن يفرق الفرد بين احتياجاته الفعلية للشراء ورغبته في الشراء، وأن يحاول عند الخروج للتسوق إعطاء الأولوية لاحتياجاته، ويجب عدم تكرار الألوان فربما عندك ما يشبهه فيجب فحص ملابسك أولاً قبل النزول للتسوق. كما أنه يفضل أن تقوم بالتسوق مع صديق يعي قيمة المال وتطلب منه أن يرشدك في حالة ملاحظة بداية وقوعك في فخ الإسراف، وتحديد ميزانية محددة قبل الذهاب للشراء، ويجب الاحتراس من الإعلانات،ويتعين اللجوء إلى الطبيب إذا لم تفلح محاولاتك مع نفسك، حيث إنه سيقوم بمساعدتك عن طريق بعض العلاجات السلوكية، وقد تنجح بعض أدوية الاكتئاب في معالجة مثل هذه الحالة.