إدمان التسوق ، داء حقيقي متفش في المجتمعات الحديثة ، ونسبة الإصابة به مرتفعة كثيرا خصوصا عند الإناث ، وهذه حقيقة يحاول الكثير من المتورطين ان ينكروها رغم قناعتهم الشخصية بوجود المشكلة القهرية لديهم ... **** كثير من المهووسات بالشراء يأتين الى عيادتي ليشتكين لي مما يواجهنه من نتائج التسوق القسري ، وعندما اتحدث معهن في اصل المشكلة ، اجدهن ينكرن انهن مصابات بإدمان الشراء اصلا ، ويدعين انهن يستطعن التوقف عن عادة الشراء متى أردن ، ويضيع وقت طويل من الحوار قبل ان يخرجن بقناعة انهن مدمنات شراء ولابد ان يعملن سريعا على علاج انفسهن ... **** لابد ان تطرح المرأة المتسوقة على نفسها اسئلة لتعرف بها ما اذا كانت متسوقة عادية او انها متسوقة في طريقها للادمان الشرائي او انها متسوقة مصابة بالهوس الشرائي القسري؟ ومن ذلك ان تسألي نفسك - أيتها المرأة - اذا ماكنت تدخلين في شجارات كثيرة مع عائلتك او زوجك بسبب كثرة الشراء ؟ وهل يلومك من حولك على الاسراف في التسوق ؟ وهل عقلك مشغول بفكرة الشراء في كثير من الاوقات خصوصا اوقات العبادات او القراءة او قبيْل النوم مما يطيل فترة الارق الليلي في التخطيط للتسوق ؟ وهل تشعرين احيانا بالندم بعد عودتك من السوق ؟ هل تورطت بالديون ؟ او هل بدأت في التفكير بأخذ سلفة من غير ماضرورة ملحة ؟ هل تشترين اشياء لن تستخدميها الا نادرا وربما لن تستخدميها ابدا ؟ وهل تشترين اشياء لانها رخيصة حتى لو لم تكوني متأكدة من حاجتك لها ؟ هل تحرصين على اخذ حاجاتك من محلات التقسيط بشكل دائم ؟ هل الشراء هو طريقتك الدائمة للخروج من الطفش وقتل الفراغ والهرب من القلق والاكتئاب والتنفيس عن الغضب ؟ واخيرا اذا كان الشراء مصدر سعادة لك فهل العكس صحيح بحيث يكون عدم القدرة على الشراء مصدر تعاسة لك ؟ حاولي ان تجيبي بصراحة ، وعندها سوف تستطيعين ان تقيّمي نسبة ادمانك ... **** ان علاج الهوس الشرائي يبتدأ بركيزتين اساسيتين لابد منهما ، فلا بد اولا من الاعتراف بالمشكلة وعدم الهروب منها ، او محاولة ايجاد المبررات الوهمية التي يخدع المدمن فيها نفسه كما يفعل مدمن القمار ، فالسلوك الادماني واضح والانفكاك منه يسبب تعاسة ، ويشهد عليه كل من حولك ، فلا تخطئ الناس وتكذب نفسك وتبرئها من الادمان الشرائي ، والركيزة الثانية في العلاج ان تسأل نفسك عن الاسباب التي قادتك الى هذا الادمان ، يجب ان تعرف الظروف والمسببات التي ساعدت على وقوعك في براثن هذا الهوس ... **** ثم يأتي بعد ذلك العلاج العملي الذي يتطلب شجاعة وصبرا ومساعدة من احد المقربين او الزوج ، فالفطام عن العادات الادمانية يبقى فطاما نفسيا صعبا ، لكنه اسهل بكثير من ويلات الادمان الذي يمنحنا شعورا وهميا باللذة والسعادة الكاذبة ، والعجيب ان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يشخص لنا بشكل إعجازي حال المدمن الذي ضاع وقته وانشغل عقله وتعلقت همته بالحلي والمال و(البالخميصة) وهي اللباس الجميل و(بالخميصة) وهي الاثاث الوفير ، فيخبرنا انه لن يجد الا التعاسة ( تعس وانتكس )، حتى لو احس بالفرح قليلا فان حاله تنتكس الى التعاسة وسوء الحال ، واخبرنا انه يصاب بضعف في النفس وتضعضع الثقة بالذات فلا يستطيع التحرر من السلوك القهري ، حتى يحرر عقله وقلبه من الهوى . وللحديث بقية .. وعلى دروب الخير نلتقي ...