واكبت ثورات الربيع العربي في المنطقة العربية بعض الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار الأمني الذي انعكس على الكثير من السياح ومنها العائلات السعودية هذا العام، التي قررت أن تسقط تلك الدول من برامجها السياحية هذا الصيف خوفاً من الانفلات الأمني الذي واكب الثورات، فيما تحولت وجهات السعوديين إلى السياحة الداخلية، لاسيما أصحاب الدخل المتوسط. ومنذ دخول موسم الصيف بدأت العائلات السعودية في شد الرحال إلى المرافق السياحية التي من شأنها أن تقدم لهم خدمات الترفيه والتسلية، والتي من أبرزها الاستراحات الواقعة على أطراف المدن الكبيرة، حيث تشهد تلك المرافق كل صيف إقبالاً من العائلات التي تحتمي بالاستراحات هرباً من زحام المدن وضوضائها، وطلباً للهدوء والترفيه وأجواء الخصوصية التي تحيط بها. وتتكون الاستراحة من وحدة سكنية مصغرة، تتضمن ملعباً ومسبحاً وغرف جلوس، ونشأت فكرتها إبان بدء ارتفاع أسعار الأراضي داخل المدن، والتي حملت البعض لاستهداف الضواحي لشراء الأراضي لقلة أسعارها، وبسبب ابتعاد تلك الأراضي عن المناطق المأهولة وعدم قدرة ملاكها على استغلالها لأغراض السكن، تحولت مع الزمن إلى مرافق واستراحات تقضي فيها العائلات فترات الإجازة، ثم تطورت وأصبحت تتضمن وسائل متعددة للترفيه، إضافة إلى تحولها لقاعات أفراح تؤجر لذوي الدخل المحدود لإقامة الأعراس والمناسبات. وسجلت أسعار الاستراحات في مدينة جدة مؤخراً أرقاما قياسية مع دخول موسم الصيف تجاوزت ال50%، حيث زادت أسعار الاستراحات التي كانت بمبلغ يتراوح بين 500 و1000 ريال في الأعوام الماضية، قفزت إلى 750 و1500 ريال هذا العام، فيما تفاوتت الأسعار من استراحة لأخرى حسب مساحتها وجمالياتها والخدمات المقدمة في كل منها. كما شهد الإقبال على الاستراحات هذا العام نمواً متزايداً وملحوظاً من قبل الزوار والمتنزهين من داخل جدة وخارجها، وبدأت عمليات الحجز قبل بداية موسم الصيف بشهرين، مما أسفر عن ازدحام كبير في الحجوزات والذي من المتوقع أن يستمر حتى دخول رمضان. وفسر البعض سبب تزايد الإقبال وارتفاع الأسعار هذا العام، إلى عدة عوامل مجتمعة بين الفنية والاقتصادية، منها أن مشروع تطوير الواجهة البحرية الجاري حالياً بمدينة بجدة، أغلق مناطق الكورنيش البحري، الأمر الذي قلّص امتداد أماكن التنزه على البحر فيما شهدت الأماكن الأخرى زحاماً وتكدساً، والتي أجبرت العديد من العائلات للجوء إلى أماكن بديلة كالاستراحات، وبالنسبة إلى ارتفاع الأسعار جاء نتيجة دخول مستخدمين وفئات جديدة لقطاع الاستراحات، كانت سابقاً من فريق السياحة الخارجية، لكنها وبسبب عدم استقرار دول الربيع العربي، ذات التكلفة السياحة المتوسطة، انتقلت إلى السياحة الداخلية وتحولت وجهاتهم إلى المرافق والمتنزهات والاستراحات التي يوفرها هذا القطاع، فيما كان خيار التوجه سياحياً إلى أوروبا أو تركيا أو الإمارات، صعب المنال بسبب ارتفاع تكاليفها على ميزانية الأسر ذات الدخل المتوسط. ولكن قوبلت هذه الزيادة في الأسعار برفض من المستأجرين القدامى ورأوا أنها غير مبررة، خصوصاً أن أغلب تلك الاستراحات مستهلكة، ولم تقدم أي خدمات جديدة، غير أنها استغلت دخول فئات جديدة والإقبال المتزايد عليها، وطالبوا الجهات المسؤولة بالمتابعة المستمرة للأسعار خلال موسم الصيف، بعد أن لجأ بعض أصحاب الاستراحات إلى رفع قيمة الإيجار إلى مبالغ عالية.