تجمد الدمع في عيني، وأنا اتلقى نبأ وفاة الصديق العزيز فوزي عبدالوهاب خياط والذي كان ملء السمع والبصر قبل بضع أيام رأيته في صحة جيدة، أشاد بمقالي الأسبوعي في هذه الجريدة،" يعجبني التنوع والدقة في اختيار الموضوعات التي تهم القارئ وهذه سمة وصفك بها أغلب من يقرأ كتاباتك، وقد كان يرددها على اسماعي زملاء المهنة، وأصدقاء أعزاء ابان عملي كرئيس لجريدة الندوة". وكان الفقيد يحرص أشد الحرص بالاتصال الهاتفي بمجرد توقف ارسال مقالاتي إليه قبل، وأثناء، وبعد ترؤسه لجريدة الندوة، وفي بعض الأحيان يسأل صديقه الوفي الرحيم نعمان خليل باشا، صاحب مطعم جنوب شرق آسيا الشهير في حي النزهة في مكةالمكرمة، فيطمئنه بأنني بخير وعافية، ويبرر له أسباب انقطاعي عن الكتابة مشاغل العمل، والبعد عن الوطن. وأذكر اتصلت به في إحدى المرات لكي اطمئن على صحته بعد أن أجرى عملية جراحية في القلب، فبادر بطيب خاطر:"لماذا لم ترسل المقالات لقد طال انقطاعك أرجوك المواصلة"، قلت:"سأرسل لك - عما قريب - مجموعة لا تقلقك!". وفيت بما وعدت، فارسلت مجموعتين، ففرح فرحاً شديداً:"أحسنت، بارك الله فيك لقد وفيت بما وعدت جزاك الله ألف خير".. هكذا كان الفقيد حريصاً على مواصلة من يكتب في جريدة الندوة، يشعرك بتواضعه الجم مما يدفعك إلى التعامل معه عن طيب خاطر، بالإضافة خلو المقالات المنشورة من الأخطاء المطبعية والطباعية، ويكاد لا تجد خطأ مطبعياً واحداً في المقال، وعندما هنأته على ذلك بادرني بالقول:"أنا أعرف حرصك على الطباعة وكتابة الأرقام العربية المتطورة: (1، 2، 3، 4، 5.. الخ) لأنك كاتب أنيق تشعر بالحرج عندما تخرج مقالاتك مليئة بالأخطاء المطبعية، أو كما تريد الطباعة، وبعبارة أدق: لا تخرج مشوهة". شكرته على ما تفضل به من رغبات لا يمكن الافصاح عنها تجنباً للاحراج! وأذكر هنا أن أخي صدقة - طيب الله ثراه - كان يطالبني دائماً أن أكتب يومياً وليس أسبوعياً لأنه نقل إليه الفقيد رغبة بعض القراء - قراء الندوة - من يطلب أن يرى مقالي يومياً، وليس أسبوعياً! أشرت له - آنذاك -:" إن وقت العمل يملكني طوال الوقت، خاصة المهمات الرسمية في خارج الوطن تأتي بين الحين والآخر، فيصعب التفرغ كل وقتي للكتابة لأن الكتابة الجادة - في نظري - تحتاج إلى وقت في اختيار الموضوع وبعض ما يتوفر من معلومات أو احصاءات حتى لا يأتي المقال فارغاً أو مجرد إنشاء يخلو من أي معنى هادف!". وأضفت:"ربما سأفعل ذلك - إن شاء الله - حينما أصل إلى سن الراحة سن التقاعد يكون الوقت ملكي لا ملك غيري، أما الآن فالعمل سيد الموقف"، فوافق - رحمه الله - على مضض. لقد فقد الإعلام الرياضي رائداً من رواده الذي كان يحرص على المشاركة في التعليق في كل ما له صلة بالشأن "الرياضي" ولم يكتف الفقيد بالشأن الرياضي وإنما كان يشارك أيضاً بمقال أسبوعي في كل يوم جمعة في هذه الجريدة بعنوان: "كلام متعوب عليه" وفي الإذاعة في إذاعة البرنامج الثاني (كلام محبة) يدغدغ المشاعر بعاطفته الجياشة التي لا تعرف سوى الود والمحبة.تغمد الله الفقيد بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته "إنا لله وإنا إليه راجعون" صدق الله العظيم.