لاشك أن شعور الفرد بالسعادة يرجع بالدرجة الأولى إلى صحته النفسية ودرجة توافقه النفسى والاجتماعى ، ثم إلى ميله للتفاؤل وثقته بنفسه وتوازنه الوجدانى من خلال الضبط الداخلى لسلوكه ، كما ترجع سعادة الفرد أيضاً وبنسبة كبيرة إلى تدينه وقناعته بما قسمه الله له من مال وصحة وولد. فالسعادة هى مشاعر إيجابية تتصف بالبهجة والسرور ، وهى عكس التعاسة المتمثلة فى المشاعر السلبية المرتبطة بالحالة الانفعالية كالحزن والخوف والغضب والاشمئزاز والقلق والتوتر والاكتئاب ، كما أن العوامل البيئية تلعب دوراً مهماً فى نشوء السعادة خاصة علاقة الفرد الاجتماعية ، فكثير من النجاح الذى يحققه الإنسان فى الزواج والأسرة والوظيفة والعلاقات الاجتماعية بوجه عام يترتب عليه شعور بالسرور والبهجة وينبئ بمستوى من الشعور بالرضا عن الحياة ، فقد أثبتت الدراسات أن المتزوجين أكثر سعادة من العزاب والأرامل والمطلقين ، وأن من لديهم عدد أكبر من لأصدقاء يقضون معهم وقتاً أكبر يكونون أكثر سعادة من أقرانهم قليلى الأصدقاء. فالسعادة ليست في مال يجمعه الإنسان وإلا لسعد قارون، وليست في طلب منصب ولو كانت كذلك لسعد هامان وزير فرعون، وليست في متعة دنيوية ما تلبث أن تنقضي بل السعادة الحقيقية في طاعة الله، والبعد عن معصيته التي هي سبب في الفوز الأبدي (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز) )َسورة آل عمران: 185). ولكى تتحقق السعادة يستلزم توافر بعض المتطلبات ومنها: 1- الإيمان بالله والعمل الصالح. 2- الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره. 3- الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن. 4- التمتع بصحة جيدة. 5- الدخل المادى الكافى لمقابلة متطلبات الحياة. 6- العمل المنتج أو النشاط المهنى بما يحقق التوافق المهنى. 7- الإشباع العاطفى الزواجى أو الأسرى. 8- السيرة الطيبة واكتساب حب وتقدير الآخرين. 9- الإحسان إلى الناس ، فالذى يحسن إلى الناس من أسعد الناس ومن أكثرهم قبولاً فى الأرض. وهناك عوائق تقف حائلاً دون تحقيق السعادة هى: 1- افتقاد عنصر أو أكثر من متطلبات السعادة. 2- الإخفاق فى تحديد الأهداف فى الحياة أو تنفيذها. 3- العلاقات السيئة بالآخرين وسوء التفاعل معهم. 4- الاهتمام بالأخذ أكثر من العطاء. 5- الحسد والنظر إلى ممتلكات الآخرين. 6- الحقد والغضب والتشاؤم وسوء الظن. 7- لوم النفس وتأنيب الذات المستمر. وهنا عزيزى القارئ ربما تتحقق لك السعادة بعض الوقت ، لكن الأهم هو أن تستمر هذه السعادة مدة أطول وذلك من خلال: 1- السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم، وتحصيل الأسباب الجالبة للسرور، وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكن ردها. 2- أن تنظر إلى من هو أسفل منك ولا تنظر إلى من هو أعلى منك في الرزق والصحة وغيرها فقد ورد في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ) رواه مسلم. فبهذه النظرة يرى أنه يفوق كثيراً من الخلق في العافية وتوابعها، وفي الرزق وتوابعه، فيزول قلقه وهمه وغمه، ويزداد سروره واغتباطه بنعم الله. 3- الاعتماد والتوكل على الله والوثوق به والطمع في فضله، فإن ذلك يدفع الهموم والغموم، ويحدث للقلب القوة والانشراح والسرور. 4- الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة مما تأنس به النفس وتشتاقه. 5- الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وترك الخوف من المستقبل أو الحزن على الماضي، فيصلح يومه ووقته الحاضر، ويجد ويجتهد في ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ) رواه مسلم. 6- فهم الذات وتأكيدها وتحقيقها وتقديرها. 7- الشعور بالسيطرة على مجريات الحياة من حولك. 8- وجود علاقات دافئة حميمة فى حياتك (صداقة – زواج ... إلخ). 9- القيام بأنشطة ترفيهية تسعد النفس وتزيل الهم واليأس. 10- المحافظة على الصحة الجسمية من خلال العادات الحسنة فى الطعام والشراب والنوم. 11- الاتزان الانفعالى فى مواجهة الضغوط والتعود على الابتسام فى مواجهة الآخرين.