اقرأ ...كلمة كانت لأول أمر سماوي بداية ,وللنفس الهائمة هداية , وللمتسامرين متعة برواية . بها زالت غمم الجهل وتفتحت زهور المعرفة وحالت بيننا وبين الظلام بسور يتفاوت ارتفاعه بين شخص وآخر , فكلما كانت المعرفة أكثر كان السور أعلى وأوثق. لكنَّ هذا الأمر أضحى بلا تقدير لحجمه ولا احتراما لأهميته وتناسينا - ولا أبرئ نفسي – أنه الفرض الأول في كتاب المنَّان ,وأول دعوة من لدن الرحمن . وتطالعنا الاحصائيات بأن "مستوى قراءة الطفل العربي لا يزيد على 6 دقائق في السنة، ومعدل ما يقرأ 6 ورقات، ومتوسط قراءة الشاب من نصف صفحة إلى نصف كتاب في السنة، ومتوسط القراءة لكل مواطن عربي لا يساوي أكثر من 10 دقائق في السنة مقابل 12 ألف دقيقة للمواطن الأوروبي".أي ان اكتساب المعلومة لدينا انحصر في برنامج تلفزيوني أو ورقة من جريدة أو منشور الكتروني أو معلومة عابرة من صديق لا نعرف صحتها ولا مصدرها وارتسمت صورة الكتاب في اذهاننا كديكور يجب نفض التراب عنه كأي اثاث منزلي نفتخر باصطفافه بين اقرانه كزينة للمكتبة بالبيت ,وعندما قال ميخائيل نعيمة : " متى يدرك الناس أن بيتا لا تزينه مكتبة لبيت حقير وإن حوى أفخر الرياش "لم يكن يقصد طبعا مجرد الزينة بل كان مقصده القيمة لما تحويه المكتبة من انهار المعرفة وجداول الثقافة. ومن أبلغ الكلم الذي شعرت بوقعه داخلي مقولة الاستاذ العقاد " أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني " والذي استقيت منه عنوان مقالي والذي اختمه الآن بمقولة احد الملوك لابنه : " الكتاب يفيدك ولا يستفيد منك ويزيدك ولا يستزيد منك ,إن وُجدَ فعبرة ,وإن مزح فنزهة , قبر الاسرار ,ومخزن الودائع ,ينبوع الحكم ومعدن الكرام ,مؤنس لا ينام , يفيدك على الاولين ويخبرك بأخبار المتأخرين ,جليس لا يضر بك ,ورفيق لايمِّلَك, يطيعك في الليل والنهار , إن ألّفته خلَّد على الايام ذكرك ,وإن درسته رفع قدرك , يُقعد العبيد في مقاعد السادات ,ويُجلس السوقة في مجالس الملوك فأكرم به من صاحب".