الشهور الثلاث الأخيرة هي الأصعب على ميزانية الأسرة، والسبب اجتماع (الرباعي الشهير): الإجازة ثم مشتروات رمضان - مع أنه شهر الصوم - وبعده العيد ثم بداية العام الدراسي، وكل مناسبة من هذه تحتاج إلى ميزانية خاصة بها، لذلك تقع الأسر تحت ضغط مادي كبير لا تستطيع خلاله التقاط الأنفاس، ولن نحسب عيد الأضحى إلا في حدود العزايم الحاتمية التي ليس لها إلا (الذبايح) التي باتت تذبح وتسلخ وتشوي الجيوب، لكن مجبر أخاك لا بطل، وإلا فصورتك تصبح (سيرة وانفتحت) أمامك وفي غيابك، وهذه قصة أخرى عن إسرافنا في أشياء ومظاهر كثيرة ليست من الدين والعقل في شيء. عمومًا موضوعنا الأساسي هنا، هو ارتفاع رسوم المدارس الأهلية رسميًا، وقد فعلتها نحو أكثر من 95% من المدارس حسب وزارة التربية التي منحتها (صك الزيادة) على ضوء رفع رواتب المعلمين والمعلمات إلى 5600 ريال وهو راتب منصف، والدولة تسهم فيه لكن المشكلة لها أكثر من جانب. أولًا: بعض المدارس وضعت سقفًا مرتفعًا لزيادة الرسوم بلغ بعضها 50%، وأخذت الموافقة عليها بناءً على مواصفات مثالية قدمتها للوزارة عن تجهيزاتها وخدماتها (خمس نجوم)، من معامل حاسوب وملاعب، وقائمة طويلة من المزايا التعليمية التي تتوفر في بعض المدارس وهي قلة قليلة، والبقية مجرد مواصفات (على الورق) تذكرنا بالدعايات الانتخابية، حتى تعتمد لها الوزارة طلب الزيادة. ثانيًا: أن الزيادات الجديدة بالآلاف وتقصم ظهور الكثير من الأسر، خاصة من لديهم أكثر من طالب وطالبة في مدارس أهلية، وبالتالي سيعيد بعضهم بوصلته إلى المدارس الحكومية، ونتمنى أن تطلعنا الوزارة بإحصائية إجمالية عن عدد المحولين إليها من الأهلية منذ بدء الدراسة، وما تأثير ذلك على إمكاناتها؟ لأن غياب الحقائق عن كل ذلك يجعل الصورة ضبابية. إننا أمام إشكالية حقيقية، لأننا نشهد أكبر موسم لزيادة الرسوم ورسميًا، ناهيك عن موسم الغلاء المستمر في كل السلع والخدمات، كما أن الزيادة الجديدة لم تكن أساسًا لصالح العملية التعليمية في المدراس الأهلية ولا ضمن أهدافها، ومن يقول غير ذلك عليه أن يخبرنا عن أحوال المدارس الأهلية، إنما هي لتعويض المدارس عن إسهامها مع الدولة في إنصاف رواتب المعلمين والمعلمات وهذا حقهم مثل حق المدارس في الربح، لكن ماذا سيعود على الطلاب والطالبات الذين يدفعون وهم صاغرون؟!. يبدو أن الطالب هو الحلقة الأضعف أمام الصوت الأعلى لأصحاب المدارس ومصالحها التي تدافع عنها الغرف التجارية، أما أسر الطلاب فليس عليهم إلا الرضوخ مهما بلغ القهر، خاصةً عندما يسألون أبناءهم عن الجديد في التجهيزات والخدمات التعليمية، فلا يجدون إلا هواءً وسرابًا، وكما يقول المثل مع التعديل (الطلاب يأكلون الحصرم والآباء يضرسون).. ولذا أذكّر الوزارة وملاك المدارس بقول الله تعالى "اعدلوا هو أقرب للتقوى". كاتب وباحث أكاديمي [email protected]