بدأت المدارس الأهلية في المملكة برفع رسوم التسجيل والدراسة، وذلك بعد القرار الملكي الأخير القاضي برفع رواتب المعلمين والمعلمات المواطنين فيها إلى (5000) ريال، مضافاً إليها (600) ريال بدل النقل. وفي ظل وجود أكثر من (1239) مدرسة ذكور أهلية و(1820) مدرسة إناث أهلية على مستوى المملكة، يدرس فيها أكثر من (281982) طالبا و(202604) طالبة، تذمر أولياء أمور الطلاب من القرار، حيث أبدوا استياءهم جراء تسابق المدارس الأهلية على رفع رسوم التسجيل والدراسة، وعدم قبول الأبناء خلال الفترة القادمة إلاّ بالرسوم الجديدة، مؤكدين على أن العام المقبل ربما يشهد انتقال أبنائهم إلى المدارس الحكومية. ورغم أن واقع القرار كان مؤلماً على الآباء، إلاّ أنه كان مفرحاً للمعلمين، الذين عبروا عن سعادتهم بقرار رفع الرواتب، بل وأشعرهم بالأمان الوظيفي بعد سنوات طويلة من تعثر عملهم في المدارس؛ بسبب قلة المردود المادي والحوافز. في البداية قالت "أم خالد" -أم لثلاث بنات وولدين وجميعهم بمراحل مختلفة بالتعليم الأهلي-: إن مدارس أبنائها أشعرت أولياء الأمور بعد قرار رفع رواتب المعلمين بأيام، بأن الرسوم ارتفعت، وعلى من يرغب استمرار ابنائه بالمدرسة دفع الرسوم الجديدة، مبينةً أن الرسوم الجديدة مبالغ فيها جداًّ، بل إن المبالغ تقصم الظهر، داعيةً المسؤولين سواء بالتربية والتعليم أو التجارة بالتدخل للحد من هذا الارتفاع الفاحش. وأوضح "أبو عبد الله" -أب لولدين في المرحلة المتوسطة الثانوية- أن المدارس الأهلية استطاعت أن تمسكنا باليد التي تؤلمنا، مضيفاً أنه من الصعب تحويل تدريس أبنائه من مدارس أهلية إلى حكومية، خاصةً بعد أن تعودوا على نمط معين من التعليم، مشيراً إلى أنه لا ينكر مميزات المدارس وجودتها بالتعليم، ولكن أن تدفع زيادة عن المبلغ المعتاد ما يقارب (3000) ريال عن كل ابن، فهذا يحتاج لميزانية مستقلة، مع أن القرار كان في صالح المعلمين والمعلمات، إلاّ أنه أضر بأولياء الأمور، والنتيجة هي الإضرار بمستوى التعليم لدى الأبناء، ذاكراً أن هناك من سيحول أبناءه إلى المدارس الحكومية جراء الأسعار الجديدة في المدارس الأهلية. قرار سريع وأكد "أبو سعود" -لديه طالب بالمرحلة الابتدائية- على أنه انزعج كثيراً من اتصال المدرسة حينما أبلغته بزيادة الرسوم من (5000) ريال إلى (8000) ريال، مضيفاً أن انزعاجه الأكبر ليس بسبب رفع الرسوم؛ فقد اعتاد على ذلك مع بداية كل عام، إلاّ أن المزعج هو أن يأتي قرار المدرسة مباشرة بعد أسبوع من صدور الأمر الملكي الكريم الخاص برفع رواتب المعلمين والمعلمات المواطنين في المدارس الأهلية، وهي بذلك التصرف تريد أن تعوض أي خسارة محتملة من جيوب أولياء الأمور؛ فهم في نظرها أغنياء ومقتدرون على دفع الرسوم، ومن لا يعجبه فليأخذ أبناءه للمدارس الحكومية. عملية مكلفة وبرر الأستاذ خالد التركي -أحد مالكي المدارس الأهلية- أسباب الزيادة التي اضطرت لها العديد من المدارس الأهلية بقوله: إن العملية التعليمية مكلفة وأن القرار أوضح أن صاحب المدرسة الأهلية يدفع (50%) من راتب المعلم و(50%) من دعم الصندوق الموارد البشرية، متسائلاً: هل صندوق الموارد البشرية يدعم المدارس شهرياً؟، وهل يدعم كافة الكادر التعليمي؟ إضافةً إلى ذلك أن صاحب المنشأة التعليمية أو المدرسة لن يدفع فقط (2500) ريال نصف الراتب وفقط، بل هناك أمور أخرى مرفقة مع الراتب، فيدفع (600) بدل نقل و(600) ريال تأمينات، وكذلك (300) تأمين طبي، إضافةً إلى (400) نهاية خدمة (تدفع عن كل شهر إذا استقال الموظف وكان أمضى أكثر من 3 سنوات، وتكون 200 ريال لو كانت خدمته أقل من 3 سنوات)، مشيراً إلى أنه بعملية حسابية يتضح أن صاحب المنشأة يلزم بدفع (4400) ريال شهرياً، متسائلاً: من يعين صاحب المنشأة في تكاليف مشروعه الاستثماري؟، دراسة واقعية وأضاف أنه لا يعارض قرار الزيادة، بل هو قرار إيجابي من حيث المبدأ، ويساهم في تحقيق التوطين الوظيفي، ولكن أي قرار جديد يجب أن يكون مبنيا على دراسة واقعية وميدانية تشمل جميع الأطراف (الموظف، المستثمر، ولي أمر الطالب)، ولا بد أيضاً من تهيئة المناخ المناسب لنجاح واستمرار هكذا قرارات، والتي تجاهلت هنا صاحب المنشأة والتصنيفات الموضوعة، متسائلاً عن مدى إمكانية مساواة مدرسة تقبع في شمال أو شرق الرياض ذات رسوم مرتفعة، وبين مدرسة أخرى في جنوب أو غرب الرياض ذات رسوم منخفضة؟، فكيف لصاحب المنشأة ذات الرسوم المنخفضة من تنفيذ القرار السامي؟، مؤكداً على أن تنفيذ قرار زيادة الرواتب يعترضه صعوبات وينتج عنه مشكلات من أهمها تسريح عدد المعلمين والمعلمات لإغلاق بعض المدارس في المحافظات أو الأحياء متوسطة ومنخفضة الدخل في المدن، بل ويحد من فتح مدارس أهلية، مما يترتب عليه ارتفاع البطالة وازدحام المدارس الحكومية. خسائر مادية وأوضح أنه بالنسبة للمستثمر فإنه سيتعرض إلى خسائر مادية وتأخير للرواتب وقضايا حقوقية بين الشركاء، وقد ينتهي الأمر بإغلاق المدرسة، وفيما يتعلق بولي الأمر فإنه سيتعرض إلى إعسار وتضييق معيشي بسبب تكلفة رفع الرسوم لدى بعض المدارس، مشيراً إلى أن دعم المدارس الأهلية لم يتغير منذ عهد الملك خالد -رحمه الله - والمقدر ب(28) مليون ريال لجميع مدارس المملكة، دون الأخذ بأن أعداد المدارس الأهلية وطلابها تضاعف كثيراً و في ازدياد مستمر، ذاكراً أنه بعملية حسابية لو تم تقسيم المبلغ على أعداد الطلاب سنجد أن نصيب كل طالب ( 28 مليون ÷ 500 ألف طالب وطالبة) = 56 ريالا فقط في السنة عن كل طالب!. أربع فئات وأكد على أن المدارس تصنف في عرف الوزارة إلى أربع فئات (أ،ب،ج، د)، حيث أن الفئة الرابعة (د) لا تستحق أي دعم من الدولة، مبيناً أن الوزارة تطالب مالك المنشأة من تحسين وضع المدرسة وتطويرها دون دعم، متسائلاً: كيف يتم ذلك؟، مطالباً بزيادة دعم الدولة للمدارس الأهلية في الرواتب والدعم الحكومي للمدارس عن كل طالب، وأخذ الرؤيا بشمولية أكبر، وإلاّ فإن قرار زيادة الرواتب سيخلق مشاكل عديدة، مشدداً على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع إيجار الأراضي، والذي كان بالنسبة لمدرستنا (700) ألف في السنة، وأصبح الآن مليون ريال. اجتماعات مستمرة وقال الأستاذ "فوزان الفهد" -رئيس لجنة التعليم الأهلي في الغرفة التجارية سابقاً ومالك إحدى المدارس الأهلية-: إنه لا يمانع من زيادة الرسوم ولكن بواقع لا يتجاوز (50%) من الرسوم السابقة، وخاصةً بعد القرار الأخير الذي تجاهل وضع المستثمرين والإرهاقات المادية التي يواجهونها، حيث أن العملية التعليمية مكلفة طالما كان هناك تطوير مستمر من ناحية الكوادر والأدوات التعليمية، مضيفاً أنه ليس ضد زيادة رواتب المعلمين والمعلمات، ولكن يجب أن لا يكلف صاحب المدرسة بأكثر من طاقته، خاصةً المدارس ذات الرسوم المنخفضة والمتوسطة، مبيناً أن من درس القرار لم ينظر إلى الفروقات في رسوم المدارس، وخاصةً أن ذات الرسوم الأقل يشكل طلابها نسبة (70%) من طلاب المدارس الأهلية، وليس هذا وحسب بل إنها تفوق طاقة أولياء الأمور وتثقل كاهلهم بالمصاريف المدرسية، ذاكراً أنهم بصدد اجتماعات مستمرة مع الغرفة التجارية للرفع إلى المقام السامي بتبعات القرار على المستثمرين. دعم لمرة واحدة وتساءل: ماذا سيحصل بعد مرور خمس سنوات وعند توقف دعم الموارد البشرية؟، هل سيتم إنهاء خدمات المعلمين؟، أو رفع الرسوم بشكل متكرر؟، مطالباً أن تدعم الدولة المدارس الأهلية بتخصيص إعانة لكل طالب بمبلغ لا يقل عن (5000) ريال، مؤكداً على أن هذه الإعانة تسهل على جميع المدارس تنفيذ القرار دون زيادة رسوم أو إجحاف في حق أي من المعنيين في هذا الأمر من طالب ومستثمر ومعلم، كاشفاً أن صندوق تنمية الموارد البشرية لا يدعم إلاّ حديثي التخرج ولمرة واحدة فقط، ويستثني المعلمين والمعلمات القدامى ذو الخبرة من الدعم. تحقيق الموازنة وقال "أحمد المسفر" -معلم في متوسطة أهلية-: إن المدارس أخرجت نفسها من مأزق ارتفاع رواتب المعلمين بزيادة الرسوم على الطلاب، وذلك لتحقيق الموازنة بين عملية الإنفاق والتحصيل، والتي تدخل في دائرة الاستثمار التعليمي، مشيراً إلى أن سياسة رفع أسعار الرسوم سوف تؤدي إلى عزوف أولياء الأمور في تسجيل أبنائهم في المدارس الأهلية. وأوضحت "حصة القحطاني" -معلمة- أنها تعمل في المدارس الأهلية منذ عامان، براتب لا يتجاوز (3000) ريال، متمنيةً أن يتم تطبيق القرار الجديد على المعلمين جميعاً، وأن لا يكون مقتصراً على المعلمات الجديدات فقط، مشيرةً إلى أن القرار الجديد يساعد على زيادة إقبال المعلمات المواطنات على المدارس الأهلية، فالرواتب ترضي الطموح وتشجع على العمل في بيئة جيدة. أمر طبيعي ورأت المعلمة "خلود صالح" أن الزيادة بالرسوم أمر طبيعي بالنسبة للمدارس الأهلية، وذلك لمواجهة زيادة رواتب المعلمين والمعلمات فيها، مضيفةً أن كل منشأة مطالبة بضمان دفع رواتب معلميها، وأن جميع المدارس ليس لها مصدر دخل سوى رسوم التسجيل، وبالتالي فإن رفع الرسوم يُعد هو السبيل الوحيد لمجابهة ارتفاع التكاليف، وهذا ينصب في صالح المعلمين أيضاً، مما يجعلهم يشعرون بأمان وظيفي أكبر، لافتةً إلى أن راتبها سابقاً لا يتجاوز (2500) ريال، والآن سيصبح (5600) ريال، وهذا في حد ذاته داعم معنوي للمتابعة في المسيرة التعليمية بالمدارس الأهلية، بل ويجعل التسرب الوظيفي من هذه المدارس قليل جداًّ، وأيضاً سيكون لدينا ما يكفي للإبداع بالمناهج من خلال اللوحات والوسائل التعليمية المختلفة، ذاكرةً أنه في الأعوام الماضية كان الجهد شخصي، ولا ندري ماذا نفعل بهذا الراتب الذي لا يغطي مصروفا شخصيا أو شراء مستلزمات تعليمية تخدم الطلاب. مراقبون متخصصون وشدد المعلم "محمد العسيري" على ضرورة الوقوف على المدارس الأهلية من قبل مراقبين متخصصين، بل والنظر هل تم تطبيق القرار أم لا؟، إلى جانب تعميم ذلك على جميع المدارس الأهلية بدون شرط أو قيد من الموارد البشرية أو وزارة التربية والتعليم، مستشهداً بما حصل معه سابقاً، حينما صدر قرار يؤكد أن راتب المعلم بالمدرسة الأهلية لا يقل عن (3000) ريال، (50%) على الموارد البشرية والنصف الآخر على المدرسة، مشيراً إلى أنه ذهب وزملاؤه إلى صندوق تنمية الموارد البشرية بجدة، ولم يستفيدوا شيئاً، مقترحاً على ديوان المراقبة العامة، الوقوف على حق المعلمين والإشراف على تنفيذ الأوامر الملكية الكريمة، حتى يأخذ كل صاحب حق حقه.