لم يكن سقوط نظام الرئيس المعزول محمد مرسي في مصر ليمر دون أن يحدث ضجيجاً مدوياً يتجاوز تأثيره حدود مصر الإقليمية مع جيرانها , سقوط ربما جعل من العالم أن ينقسم لفريقين يرى فيه الفريق الأول أن ماقامت به المؤسسة العسكرية في مصر ماهو إلا إستجابة وطنية لما كان يطالب به الشارع في 30 يونيو لذا فما حدث حينها هو "عزل" لرئيس فقد شرعيته , أما الفريق الآخر فيتبنى نظرية المؤامرة ويرى في ما قامت به المؤسسة العسكرية "انقلاباً" على الشرعية بل ويذهب بعيداً بطرحه لنظرية وجود نية حقيقية لدى العسكر للاستيلاء على كرسي الرئاسة وهي النظرية التي تحطمت بعد تعيين عدلي منصور كرئيس للدولة ومن ثم الإعلان عن تشكيل حكومة مدنية مؤقتة برئاسة الدكتور حازم الببلاوي , المعضلة كانت ومازالت في أن كلا الفريقين يرى أنه يتبنى الرؤية الصحيحة المطلقة وأنه على حق وهو شيء يجبر كل متابع محايد يحاول فهم الأمر على البحث في العمق عن المرجعية والمنصة التي ينطلق منها كلا الطرفين في إثبات صحة موقفهما تجاه أحداث مصر الأخيرة , لم تكن منصة هذا الضجيج سياسية وإلا لما وصل الأمر لهذه الدرجة من الحدة بل والفجور في الخصومة مع الفريق الأول والذي يتبنى الرؤية المختلفة بل كانت منصة فكرية بحتة ترتبط إرتباطاً مباشراً بمن ينتمي لفكر جماعة الإخوان المسلمين الذي يمثل الفريق الأخر , لم تكن السعودية ببعيدة عن هذا الصراع وهي التي سارعت رسمياً بمباركة ما قام به رجال القوات المسلحة في مصر وأنهم بخطوتهم هذه قد أخرجوا مصر من نفق يعلم الله أبعاده وتداعياته , لكن هذا الموقف الحكومي الذي يعكس رغبة الشعب المصري يوم 30 يونيو لم يرق لبعض خلايا الجماعة في المملكة الذين سارعوا بإخراج ما أسموه ببيان مثقفي السعودية ونشره عبر مواقع التواصل الإجتماعي وهم بتجنيهم على مثقفي السعودية بإقحامهم في عنوان بيانهم يثبتون عدم امتلاكهم للشجاعة التي تجعلهم ينسجون بياناً يظهرونه للعلن صراحة بأسمائهم كفرع يمثل فكر الجماعة في المملكة , حمل البيان تحريضاً صريحاً ضد المؤسسة العسكرية في مصر رغم محاولة كاتبيه ومن يقف خلفه دس السم في العسل سواء بإستشهادهم بالآيات القرآنية أو من خلال اللعب على وتر إحترامهم لخيار الشعب المصري وحرصهم على حقن دمائه , لم يتوقف الأمر عند التحريض على خيار شعب شقيق وشأنه الداخلي بل وصل إلى إقحام أسماء كتاب ومثقفين سعوديين في البيان دون علمهم رغم أن بعض من تلك الأسماء يحمل خصومة ظاهرة لفكر الجماعة تظهر في ما يكتبه في الصحف المحلية , تبرأ مثقفو السعودية من هذا البيان وذهب بعضهم إلى تقديم شكوى رسمية ضد من يقف خلفه , لكن السؤال المحير لمن يتابع هذه الزوبعة , لماذا كان أفراد الجماعة في المملكة جبناء لدرجة أن يعنونوا بيانهم بمثقفي السعودية بدلاً من أن يكون بياناً معبراً عنهم هم كتيار فكري كما قال عوض القرني يوماً ما ؟ twitter : aalbaly [email protected]