تتمة لما سبق سأحاول بعون الله إلقاء الضوء عن مجموعة من النقاط المهمة في موضوع الشجاعة ، و أبدا أولا بمعيقات الشجاعة و أذكر هنا سببين اعتبرهما الأهم في التأثير علينا إما سلبا أو إيجابا : - التجارب السابقة : يعد الماضي كنزا مهما لمن استطاع الاستفادة من مكنوناته النفيسة وتجاربه المليئة بالحكمة و الخبرة ، بشرط أن تستطيع الاستفادة من الخبرات و التجارب وأن تنسى الألم و الشقاء وهذا بكل تأكيد صعب و لكنه ممكن ببعض الممارسة و استعمال بعض التقنيات مثل التخيل، من الطرق التي أعجبتني تصحيح و إعادة المشهد بعد التعلم من التجربة و ذلك بإعادة تخيل المشهد و لكن هذه المرة و أنت متمكن من المعلومة و ممارس للمهارة فتعيد نفس المشهد و أنت البطل القادر على الاستفادة من الموقف لأقصى درجة ، ربما يبدو لك أن هذا الكلام غير عملي لكن لو أعدت التجربة بثقة و لعدة مرات أعدك أنك لن تستطيع التفرقة بين التجربة الأولى " الحقيقية " و التجربة الثانية " التخيل " ، وذلك لأنه تبث علميا أن العقل لا يفرق بين الحقيقة و الخيال عند التذكر. لما كل هذا الحديث عن التجارب السابقة لأنها مربط الفرس فأنت لن تقدم بشجاعة على موقف أو مشكلة معينة إذا كانت تجاربك السابقة سيئة و سلبية، لذلك أنصحك يا صديقي بأن تحتفظ بالخبرة و تنسى التجربة السلبية. - السبب الثاني هو عدم الثقة بالذات و قدرتها على النجاح ، و هذا السبب مرتبط إلى حد ما بالسبب الأول ، لكنه ليس المؤثر الوحيد فبالإضافة للتجارب السلبية التي تضعف ثقتنا بأنفسنا هناك كذلك ضعف تقننا بالله لأن الذي يثق بالله يعلم يقينا و باعتقاد راسخ – وليس معلومة محفوظة فقط – أن الله لا يضيع من عمل عملا صالحا بل يعينه و يقويه ، ومن كان الله معه فلم الخوف و الجزع من المبادرة و المشاركة في كل ما أحس في نفسي القدرة على تحقيقه أو المساهمة في إنجاحه، ثم المؤثر الثالث بهذا السبب هو المحيط حيث أن المحيط اليائس يزرع الإحباط في النفس ، وكما تنتقل الأمراض الوبائية تنتقل الأمراض النفسية بل ربما هي أكثر عدوى من أمراض الجسد ، فأنصحك صديقي بالهروب و النجاة من كل محيط موبوء بأمراض اليأس و الإحباط – سأل الممكن المستحيل : أين تعيش ، فقال : في عقول اليائسين . كل إنسان يمتلك قدرا من الشجاعة يرتفع و ينخفض حسب أحوال الشخص و نفسيته ، وحسب قدرته على المبادرة و خَلق الدوافع الذاتية ، و حسب إيمانه برسالته و عمله الذي يؤديه، لذلك على الإنسان أن يقوي عزيمته بشيئين أولا بقربه من الله ومعرفته بأسمائه و صفاته فذلك يزيد من قدرته على المبادرة لإحساسه بأنه ليس وحيدا في الساحة ولكن من وراءه رب قوي قادر فعال لما يريد، ثم برسم أهداف قادرة على تحريك رغبته و إرادته لتكون الشعلة التي لا تنطفئ للعمل والجد و المبادرة ثم يتخذ من نفسه دوافع تعينه على صعوبات الحياة و نكساتها . وأختم بقولة العرب قديما " إنما الشجاعة صبر ساعة " تأمل أخي هذه المقولة و لنا لقاء بإذن اله ومشيئته.