لا يمل المرء تأمّلَ آخر عامين ونصف من حياة عمر بن عبد العزيز التي حكم فيها الأمةَ. عظيمةٌ هي أفعاله و أقواله. أقام بها الحُجَجَ على كلِ راعٍ و رعية. نصحه وزيره يوماً، و قد أشفق عليه من شدةِ زُهده على نفسه، "هَلَّا وسّعتَ على نفسك يا أمير المؤمنين.؟". و هذا ديْدنُ البطانةِ أزَلاً، تورِد وليَّها المهالك بدعوى النصح و الإيثار. كان رد عمر قمةَ الحكمة و ذروةَ الطموح. قال "إن لي نفساً تَوّاقةً، ما تاقَتْ لشيءٍ إلّا أدركتْه، تاقتْ للإمارة فوُلّيتُ إمارةَ المدينة، ثم تاقَتْ للخلافة فأصبحت أمير المؤمنين، و الآن تَتوقُ إلى الجنة وهذا طريق الجنة". بهذه البصيرة وتلك العزيمة خلّده التاريخ..و نَجَتْ صحائفُه كراعٍ وإنسانٍ في برزخه ويومَ حسابه. نجاةٌ لا يفكر فيها إلا تقي من رعاة اليوم. Twitter:@mmshibani