تلف النفس الإنسانية جملة من المشاعر والأحاسيس يكون لها بالغ الأثر على حياته وتصرفاته بل على حتى سلوكياته اليومية وكيفية تعاطيه مع الآخرين، هذه المشاعر والأحاسيس، تبدأ منذ الولادة وحتى الممات، الغريب أن هذه المشاعر والأحاسيس تكون في بداية الحياة مكتسبة من الوالدين والأسرة ومن ثم المجتمع الصغير فالصحبة والأقران، لكنها سرعان ما تكون مكتسبة بطريقة آلية تتعدد فيها المؤثرات القريبة أو البعيدة، لكن مع نمو الإنسان يستطيع أن يتحكم بهذه المشاعر وكيفية توجيه تلك الأحاسيس، بمعنى أنه تطور ليستطيع أن يغذي نفسه ويملؤها بمشاعر فياضة من الحب ومشاعر مغمورة بالأحاسيس العذبة الجميلة، فالقرار يكون بيد الإنسان ولا أحد أخر يستطيع أن يؤثر عليك تأثير سلبي فيسكب في روحك العذابات والآلام. يوجد من يرى أن مثل هذا القول ليس قاعدة عامة يمكن أن يتم إسقاطها وتعميمها على الجميع، وهم يستدلون بأثر الحب الفاشل –كمثال - على الإنسان وعلى مشاعره، وكيف يسبب في كثير من الحالات الألم والهم وغربة الروح وغيرها من الآلام النفسية العميقة، والتي قد تصل ببعض المحبين إلى الانتحار، بل هناك حالات يصيبها المرض بسبب وفاة عزيز أو فقدها لإنسان قريب من النفس كالأب أو الأم أو الزوج أو الزوجة... هذا واقع وموجود، فضحايا الحب والعشق على سبيل المثال موجودين في كل أمة وعلى مر التاريخ، وقصص كثير ماثلة ومتعددة في كل الثقافات الإنسانية في الأرض. إذن عوامل تعرض مشاعر الإنسان وأحاسيسه للأذى ماثلة وتظل موجودة، ولا سبيل لحمايتها وصونها، فما دمت تتعامل مع الآخرين وتتعاطى معهم فدون شك ستعتريك في مرات حالات من الفرح أو حالات من الحزن وغيرها من الحالات النفسية. فأثر الناس على تفكيرنا وقراراتنا باق وموجود، وهذا الأثر قد يكون ايجابيا وقد يكون سلبيا. وفي ظني أننا نستطيع بطريقة أو أخرى جعل هذه الآثار ايجابية ومفيدة ومتميزة ولها مردود كبير على حياتنا ونظرتنا على المستقبل، وأعتقد أنه لا يستطيع أي إنسان أن يؤثر في الآخر تأثيرا سلبيا فيسبب له الألم والفشل إلا إذا وجد ضوء أخضر وتم السماح له. وكما قال اليس ديوار ميلر:» إن آداب السلوك هي فن التعبير عن احترامنا لمشاعر الآخرين». وهذه حقيقة، فالسلوكيات المحترمة كثيرة ومتعددة، ومنها حتى طريقة تعبيرنا التي تظهر احترامنا لمشاعر الآخرين، هذه المشاعر التي إذا احترمناها فإننا نحترم كيان هذا الإنسان الذي أمامنا ونحترم عقله، ونكون بمنأى عن الإيذاء أو التسبب في ألم قد يكون بليغا وإن كان ألما صامتا. لنعامل الناس تماما كما نحب أن يتم معاملتنا، لتسيطر على أفكارنا وتصرفاتنا قيم الاحترام والتقدير، ولتكن كلماتنا موزونة ومحسوبة تماما، فالعفوية في الحديث ودون ضوابط قد تكون مؤذية لأناس دون الشعور أننا تسببنا في حزنهم. السيدة اليانور روزفلت، زوجة الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت، والتي عرف عنها أنها داعية لحقوق الإنسان، والتي ترأست لجنة صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هذه السيدة قالت كلمات ثمينة لعلها تلخص فكرتي تماما وتوجزها، فقد قالت:» لا أحد يمكنه إشعارك بالنقص بدون موافقتك».