إن لهفة تحري القادم قد تحجب الحقائق، كونها تتكئ على قليل من صبر لعبت معه التوقعات دور المونتاج، والحقيقة لها الكلمة الأخيرة، حينها يندب الملهوف حظه، كونه المسؤول الأول عن خداع نفسه. إلا أن الصدمة لها ارتدادات أعظم منها خداعا، قد يجد نفسه معها في المكان غير المناسب، ومع الإنسان الخطأ! وهي لا تخضع لقانون، إنما عشوائية لا يمكنه أن يعول عليها كثيرا. وقد يقرر بعدها أن يبدأ من جديد، وهي خطوة ناضجة، فالبقاء في ذات المكان مضيعة للوقت والفرص، لكن ماذا يحمل معه حينها؟ إنه يتأبط خبرات لتجارب فاشلة، ومشاعر سلبية متصاعدة، ومعها قد يكرر الانزلاق بحمل أثقل من الأول، مما يزيد نسبة الخسائر التي يمني نفسه بها دون أن يدرك ذلك. تلك الحالة التراجيدية تحاكي المعاملة التي تحددها أنت ليعاملك الآخر بها، ويذكرني ذلك بقول إليانور روزفلت: «لا يستطيع أحد أن يشعرك بالدونية دون موافقتك»، وهو ما يفعله المستهلك بكامل إرادته عندما يسمح للتاجر أن يرفع الأسعار لأنه لا يزال يشتري سلعته! ويضيع طاقته في اختيار شماعة يعلق عليها ويلات الغلاء. ومن يعاملك بسوء أو قسوة أو لا مبالاة، فأنت تكافئه أيما مكافأة عندما تمنحه العطاء والفرص، دون لحظة توقف تحدد فيها منطقتك التي لا تقبل تجاوزها، فتأخذ ما تريد، أو تضع حدا فاصلا لاستغلالك. وذلك يشبه إلى حد ما، النزول طوعا لقاع الكآبة، وتهشيم الذات من خلال التوغل في الأخبار المروعة، والقصص الحزينة، على مستوى الأفراد والمجتمعات، كأن الحياة بؤرة شر! ويكفي أن تأخذ جولة في الصحف والأخبار لترى كم يعذب البشر أنفسهم، حتى في كثير من الإعلام المسموع والمرئي، فالأغاني الحزينة والمشبعة بالخيانة والضياع والحب من طرف واحد، والمسلسلات التي تسلط الضوء على الجوانب السلبية في المجتمع دون الإيجابيات، كل ذلك الإنتاج العقيم، يؤثر في مشاعر الأفراد ورؤيتهم، وإلا فأين الهدف من هذا كله إن لم يحمل رسالة سامية، تأخذ في اعتبارها النهوض بالقيم، والمعنويات، والفكر؟ خارج النص: المشاعر السلبية عدو يستعمر أجمل مساحاتك.