يقول الشاعر سعد علوش في مطلع قصيدته (العب حديد): "ماهو علشان الجسم.. ولا علشان النسم.. عشان هالراس العنيد : العب حديد " "..وأقول لا طاح الأرق مع العرق: هل من مزيد؟ " ومما تتحدّث عنه القصيدة دور المجهود الجسدي في حماية الإنسان من الآثار السلبيّة لضغوطات الحياة، أو في حمايته من نفسه في مواجهة الصراعات الداخليّة. العرق هو الدموع التي يذرفها الجسد ليُخلّصنا من سموم الفكر أو تراكمات الماضي أو إحباطات الحاضر، العرق بكاء من نوع آخر؛ نوع صحي يُساعد في التنفيس عن الغضب وتفادي المزيد من الخسائر التي قد يتسبّب بها الإنسان لنفسه إن لم يجد مُتَنفّسًا آخر لتفريغ المشاعر السلبيّة. للرياضة فوائد جمّة لست بصدد ذكرها الآن، أُركّز في هذا المقام على فائدتها النفسيّة، ومن خبرتي الشخصيّة المتواضعة في بداية مشواري مع الرياضة أنها تخلق في داخل الإنسان ضوءًا ما، تسارع ضربات القلب يجعل الروح مقاتلة ومتحفّزة لإنهاء كل مابَدَأَته على صُعد الحياة المختلفة، هذا عِوضًا عن مفعولها السحري في تعزيز الثقة بالنفس. أكاد أجزم بوجود صلة بين لياقة الجسد وخشوع الروح، فحتى في وقت الحج أو العمرة حين يكون الإنسان أبعد ما يكون عن الدنيا وفي أطهر بقاع الأرض فإن الله يُريد منه القيام بمجهود بدني لن يتمكّن من القيام به دون مساعدة إلاّ إذا تمتّع بلياقة عالية كالطواف حول الكعبة سبع مرات تتضاعف مسافتها مع الازدحام، وكالسعي بين الصفا والمروة في سبعة أشواط تتخللها هرولة. وقد وردت أمثلة كثيرة عن الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم كمواظبتهم على قيام الليل الطويل وكمهاراتهم الحربية المُذهلة وغيرذلك ما يستدل منه- باستخدام كلمات هذا الزمان- على أجسامهم الرياضيّة ولياقتهم العالية. ومن الأمثلة الغربية الحديثة سيدة أمريكا الأولى ميشيل أوباما التي تبدو على درجة عالية من الهدوء والبشاشة رغم أن النقّاد يُحاصرونها بالتنقيب عن عيوب في كل ما تفعله أو حتى ترتديه، هذا عوضًا عن حساسية وضعها السياسي، تحدّثت السيدة أوباما عن علاقتها بالرياضة قائلة: "الرياضة مهمّة حقًّا بالنسبة لي، إنها وصفة علاجيّة، فأنا كلما شعرت بالتوتّر أو القلق أو شعرت بأنني على وشك التعرّض لانهيار؛ أحضر جهاز الآيبود الخاص بي وأتوجّه فورًا إلى الصالة الرياضيّة، أو أركب دراجتي في جولة بمحاذاة بحيرة ميشيغين مع البنات". أرى أن الشخص الذي لا يستطيع من إلزام نفسه بممارسة أي مجهود هو شخص في الحقيقة أمامه مشوار طويل من تدريب الإرادة وتهذيب الذات، يقول جاك لالين خبير اللياقة البدنية الشهير: "أنا أُمارس الرياضة كعلاج، كل منّا يحتاج لبعض التأديب، وأنا أُؤدب نفسي بالرياضة".