قبل أيام قليلة، أشرقت شمس عامنا الجديد 1434 هجري، وانسلخ العام الهجري السابق في عجالة ونحن لا حيلة لنا في إبقاء أيامه أو زيادتها. إنها حكمة الله وإرادته، فالليالي والأيام تمضي سريعاً، والشهور والأعوام تنقضي سريعاً. عام جديد يأتينا ونرجوه حافلاً بالتفاؤل والحب والأمنيات، وندعو الله أن يكون عاماً مباركاً حافلاً بالطاعات، ومليئاً بفعل الخيرات. عام جديد يأتي ليقدم لنا فرصة للتغيير والتقدم نحو الأفضل، ولأننا نعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلا بد لنا أن نجلس مع أنفسنا لنراجع ما عملناه في السنة الماضية، ولتكن وقفة جادة وصادقة نسأل فيها أنفسنا، هل قدمنا أعمال خير أم أعمال شر؟. وعلينا أن نكتب صفحة الحاضر ونرسم المستقبل بأن نجتهد في تحديد ما نحتاجه هذا العام وما نرغب في تحقيقه، وأن ندرب أنفسنا ونعودها على طاعة الله، وأن نستعين بالله عز وجل، وندعوه أن يجعل أيامنا القادمة متوهجة برضا الوالدين ومتسلحة بعمل الصالحات.ومن نعم الله سبحانه وتعالى علينا، نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أن جعل الله لنا مواسم للخيرات والبركات والطاعات، تتهيأ فيها النفوس إلى العمل الصالح، وتخفق معها القلوب بتقوى الله، فلا تكاد تخرج من موسم ولا تفرغ من عبادة إلا وتنتظرها أخرى، ومع مطلع العام الجديد يطل علينا شهر محرم، وهو أحد الشهور التي عظم الله شأنها، وخيرات هذا الشهر كثيرة ووفيرة، أبرزها صيام اليوم العاشر منه، ويعرف بيوم عاشوراء، ذلك اليوم الذي أنجى الله فيه نبيه موسى – عليه السلام، ولذلك صحت السنة بفضل صيامه عن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما: قدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال "ما هذا؟ قالوا: هذا يوم نجى الله فيه موسى وقومه وأهلك الله فيه فرعون وقومه، فنحن نصومه شكراً لله، قال: نحن أولى منكم بموسى، فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بصيامه"، ووفقاً للسنة النبوية الشريفة، فإنه يستحب صيامه وصيام يوم قبله أو يوم بعده، ويقول الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع، عضو هيئة كبار العلماء، أن من صامه وصام يوماً قبله ويوماً بعده فقد أخذ بكمال الاستحباب، حيث وردت الروايات عن رسول الله بذلك. وكان السلف الصالح رضوان الله عليهم حريصون على صيامه لما له من فضل عظيم، ولقد روي عن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام أنه قال "صيام عاشوراء احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله"، فالله الله في اغتنام فرصة يوم عاشوراء بالصيام، وإخلاص العمل لله، والإكثار من الدعاء فيه، فربنا لا يرد داعياً، ولا يخيب سائلاً، وهو الذي أمر بالدعاء ، ووعد بالإجابة.نسأل الله بفضله ومنه وكرمه أن يوفقنا جميعاً للعمل الصالح، والعلم النافع، وكل عام هجري والأمة الإسلامية بخير. كاتب وباحث أكاديمي