الأول من برج الميزان، الموافق للثالث والعشرين من شهر سبتمبر، هو يوم محفور في ذاكرة وطن كبير يتمركز في قلب أمته العربية والإسلامية، ويحظى بمكانة عالمية مرموقة، ففي هذا اليوم من عام 1351 هجري، أصدر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود .. طيب الله ثراه .. أمراً ملكياً يقضي بإطلاق مسمى "المملكة العربية السعودية" على هذه البلاد بدلاً من "مملكة الحجاز وسلطنة نجد وملحقاتها" بعد أن رفع له عدد من وجهاء منطقة الحجاز اقتراحاً بذلك. ومنذ ذلك التاريخ انطلقت مسيرة عظيمة نحو بناء كيان حضاري قوي، حتى أصبحت المملكة العربية السعودية دولة مهمة تسهم في رفعة الإسلام ونصرة المسلمين في كل مكان، وتلعب دوراً مهماً ومؤثراً في المجتمع الدولي، وتصنف حالياً ضمن الاقتصاديات العشرين الأولى في العالم نتيجة سلامة سياساتها الاقتصادية وحرصها على استقرار الطاقة في الأسواق العالمية. وفي يوم الأحد الماضي وبعد مرور 82 عاماً حافلة بالعطاء والإنجازات، احتفل أبناء هذا الوطن باليوم الوطني المجيد، وهم يجددون وفاء المحبة ويوثقون عهد الولاء لبلادهم الغالية، وينثرون سعادتهم وفرحهم على امتداد تراب الوطن الغالي في تعبير عملي عن الاعتزاز بما أنجزه الأجداد بقيادة المغفور له الملك عبد العزيز الذي وحد هذا الكيان وجمع القلوب وأرسى دعائم الأمن والاستقرار بعد أن كان ممزقاً في كيانات قبلية متناحرة، وواصل المسيرة بعده أبناؤه الملوك البررة فعبدوا الطريق وفرشوه أملاً وعطاءً نحو تثبيت الأمان وتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة. وفي كل عام ومع إحياء هذه المناسبة الغالية، نجني جميعاً حصاد تلك الجهود الكبيرة التي تكبر ثمارها عاماً بعد عام، لتزداد صروح الوطن الشامخة ويعم الخير وتكبر حصيلة الإنجاز، وليقترب تحقيق حلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في التحول من مصاف الدول النامية إلى الدول المتقدمة. وهذا الحصاد لا يقتصر فقط على أن حضارة العالم اليوم تعتمد بشكل أساسي على نفط هذه الأرض المباركة، ولا على المشروعات النهضوية والعلمية والاقتصادية المتنوعة مثل مشروع الإسكان، ومشروع توسعة الحرمين الشريفين وقطار المشاعر المقدسة، والجامعات العملاقة، ومدينة الملك عبدالله الصناعية، وغيرها، وإنما يتمثل أيضاً في وحدة المسار والمصير الذي يعيشه الشعب السعودي، والتلاحم المتين بينه وبين القيادة في ظل شجرة الأمن الوارفة التي يستظل بها الوطن العزيز. ونحن إذ نحتفل باليوم الوطني المجيد، علينا أن نجعل من هذه الذكرى الغالية حافزاً لنا جميعاً، كل في موقعه وفي مجال عمله، نحو المزيد من العطاء والانتاجية في سبيل الوطن، وعلينا أيضاً أن نقدر نعمة الأمن والاستقرار الذي نعيش بها رغم الظروف الأليمة والرياح العاصفة التي تمر على عالمنا العربي والإسلامي منذ زمن، وعلينا أن نتدبر في أحوال بعض الدول المجاورة والواقع المأساوي الذي يعيشه شعوبها وما فيه من ظروف قاسية وحياة صعبة، فمن ينظر منا في أحوال تلك البلاد ووضع شعوبها يجب عليه أن يدعو لهم بزوال محنتهم، وأن يحمد الله على نعمة الأمان الذي يعيشها ويشكره على ذلك كثيراً، وأختم مقالي بقول الحق سبحانه وتعالى "لئن شكرتم لأزيدنكم"، فبالشكر تدوم النعم وتنمو وتزيد. كاتب وباحث أكاديمي