الوطن كالشجرة المثمرة، ذات الأغصان الكثيفة، والظل الوارف، يُستظل بظلها، وتقي من حرارة الصيف، وبرد الشتاء. ويُكتن تحتها عندما ينهمر المطر، ويُصطلى من أغصانها عند اشتداد البرد، ويؤكل من ثمرها، ويُستمتع بروائح أزهارها، ويُتوكأ على عيدانها، ويُحتمي عند الخوف بعصيها، ويُستمتع بخضرتها، ويُصنع منها الأدوية، ويُحتطب منها، ويُؤخذ منها علف المواشي التي ترعى في رحابها، وتُرطّب الطقس الحار، وتصد زحف الرمال عن المدن والطرقات، وتجمّل الأرض بخضرتها، ويُبنى منها المساكن، ويُصنع من لحائها الحبال. هذه صورة مصغرة عن مفهوم الوطن الكبير المملكة العربية السعودية، الذي نعيش على ترابه، ونستظل بظلاله، ونأكل من خيراته، ونرفل في أمنه، ونفخر بمنجزاته، ونفاخر بدوره الفعّال في جميع المحافل الدولية، الذي نحتفل بيومه المجيد، يوم توحيد شماله مع جنوبه، وغربه مع شرقه الذي يحتفل الوطن بكل شرائحه بيوم لم شمل البلاد، ولُحمته تحت مسمّى واحد المملكة العربية السعودية، وذلك عام 1351ه. اسم له دلالاته التاريخية والاجتماعية، وذلك بفضل الله، ثم بفضل مؤسس هذا الكيان الكبير الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- الذي جمع شمله، ووحّد أهدافه، ورسّخ أركانه، وجعل القرآن والسنة النبوية منهجه، لا يحيد عنها حائد، ولا تزعزعه الدسائس، ولا تثيره الأبواق المغرضة، وسار على الطريق القويم أبناؤه الملوك: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد -رحمهم الله- حتى اعتلى زمام الحكم رجل الخير والعطاء والإصلاح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، فارس التنمية الطموحة، ملك قلوب شعبه بفيض عطائه في كل مجالات الحياة، فسدد الله خطاه، وخطى ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني. وقد مضى على هذا الصرح العظيم واحد وثمانون عامًا بلُحمة متماسكة، وهدف واحد، وسيبقى -بحول الله وقوته- مضرب المثل بوحدة الهدف، ووحدة المصير. ودمت يا وطننا شامخًا، ودامت قيادتنا عزيزة مهابة. فالوطن هو البيت الكبير التي يحتاج من كل مواطن أن يسانده بالعطاء، والجد، والإخلاص، والمحافظة على منجزات وحدته؛ لتصد الأبواق الناعقة بقوة تلاحم الشعب مع قيادته، فلا يصبح للمغرضين مكان في بلاد الحرمين الشريفين.. والله المستعان.