يحاول اليهود جاهدين ومن خلال طروحات كثيرة ومختلفة أن يتملصوا من قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تشكل عبئا حقيقيا على سياستهم في التعاطي مع قضية اغتصابهم لأرض فلسطين، فبالرغم من محاولاتهم المستميته لتضليل الرأي العالمي بأن فلسطين كانت أرضا بلا شعب، إلا أنها فشلت فشلا ذريعا في تسويق هذه المقولة، حين تحرك الشعب الفلسطيني في كل مكان من العالم ليعلن عن وجوده، عن الظلم الذي وقع عليه، وعن تمسكه بحقه في العودة الى أرضه ووطنه الذي أخرج منه قسرا وتحت التهديد وارتكاب المذابح، ولما أيقن اليهود أن انكار وجود الشعب الفلسطيني لم يعد ممكنا، اتجهوا الى مقولة تعريف اللاجئ، بأنه الشخص الذي غادر فلسطين عام 48 فقط، هذا التعريف لا ينسحب على ابنائه وأحفاده، وقدم الاقتراح للكونغرس الامريكي لكي يحظى بالتأييد والدعم، وهذا يعني أن عدد اللاجئين الذين يحق لهم العودة لن يتجاوز الثلاثين ألفا وأما الملايين الستة من الابناء والأحفاد، فهؤلاء ليسوا لاجئين ولا حق لهم في فلسطين، فحق الآباء لا يرثه الأبناء، وهي مقولة أعجب من العجب، ولايقدر على قولها إلا من كان له باع طويل في الكذب والتزوير وتحريف الكلم عن مواضعه والذي يتقنه بنو اسرائيل منذ قديم الزمان. لم يقتصر الأمر على هذا فاليهود لا يتوقفون عن توليد المزاعم وطرح الحلول التي تخدم أهداف مشروعهم الاحتلالي الاقصائي المتعصب والذي يهدف الى الغاء حق العودة والتملص من الاستحقاقات القانونية للشعب الفلسطيني، فهم يطرحون فكرة الوطن البديل وتعويض اللاجئين عن ممتلكاتهم حيث يقيمون الآن، وها هم بعد فشلهم في كل ذلك يتحدثون عن قضية اللاجئين اليهود الذي تم طردهم والتضييق عليهم من قبل الانظمة العربية، ليتم مقايضة قضيتهم بقضية اللاجئين الفلسطينيين، وينتهي الامر، وهنا لا بد من التنبيه الى عدة نقاط للرد على مزاعم الصهيونية بهذا الخصوص: اولا : إن قضية اللاجئين اليهود لم يعترف بها أحد من قبل وهي مبتدعة ومفبركة والهدف منها مقاومة حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ثانيا : إن اسرائيل لم تتحدث عن قضية لاجئين يهود طوال عشرات السنين، لأنها كانت وراء هجرتهم من أقطار عربية، بالترغيب والترهيب وصولا الى القتل والإكراه في بعض الأحيان كما حدث لليهود العراقيين وغيرهم. ثالثا : إن اليهود الذي أقاموا في فلسطين لم يتقدموا لأحد في العالم مطالبين بعودتهم الى الدول العربية التي هاجروا منها الى فلسطين، ولم يطالبوا بحقوق لهم فيها، ولم تكن لهم قضية يعرفها العالم بهذا الخصوص. رابعا : إن اليهود أقاموا في الدول العربية ولم يتعرض لهم أحد، ولا زال بعضهم يقيم في الدول العربية مثل المغرب واليمن، لم يسجل أن أحدا ضايقهم أو ظلمهم أو أخذ لهم حقا، والمجال مفتوح أمام من يرغب منهم في العودة الى الدول التي خرجوا منها طائعين في معظم الحالات. أخيرا، فإن قضية اللاجئين اليهود واتي يثيرها الكيان الصهيوني حاليا، لن تختلف في مصيرها عن مصير القضايا المدعاة التي سبقتها، وسيلقى بها الى سلة المهملات، لأن الدولة الصهيونية التي تدافع عن اليهود لا تقيم وزنا للقوانين والاعراف، ولن يستقبل أحد في العالم ادعاءاتها الكاذبة، فقد تحمل العالم كذب وزيف ودعاوى اليهود طويلا، وآن له أن يتحرر منها. وإذا أصر اليهود أن لهم قضية تتعلق بلاجئيهم، فليحلوها مع الدول التي ألجأتهم وهذا لا علاقة له بقضية اللاجئين الفلسطينيين فهي قضية مستقلة تماما، ولا يقبل الفلسطينيون ان تربط قضاياهم بقضايا غيرهم وهم ليسوا مسؤولين عما يحدث لليهود في أي مكان آخر من العالم، ونحن ندعم حق اليهود في العودة الى أوطانهم التي يزعمون أنهم أخرجوا منها قسرا، لأننا لا يمكن أن نطالبهم بحقنا وننكر حقهم في مثل ذلك.