من فضائل شهر رمضان أن الله سبحانه وتعالى خصه بالليلة الكريمة.. ليلة القدر.. وهي ليلة خير من ألف شهر، وفيها تكون العبادة والطاعة أفضل من الطاعة والعبادة في ألف شهر ليست فيها هذه الليلة. وليلة القدر هي ليلة الرحمة والغفران واستجابة الدعاء، وهي ليلة القرآن الكريم حيث تنزل فيها من الله هدى ورحمة وشفاء، قال تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ، فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ). وفي فضل هذه الليلة المباركة صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن الله وهب لأمتي ليلة القدر، ولم يعطها لمن كان قبلهم"، وقد جاء في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه". وقد أخبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر من رمضان، إذ جاء في الصحيحين ما نصه "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"، وحثنا صلى الله عليه وسلم على التماسها في العشر الأواخر حيث قال "التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي" أخرجه مسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يعتني بليلة القدر، وكان يقوم العشر الأواخر من رمضان يتحرى هذه الليلة. وكما يرى أهل العلم فإن أعظم ما ينبغي أن يطلبه المسلم من الخالق سبحانه وتعالى في ليلة القدر هو العفو، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت "قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟، قال: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" وكما يقول علماء الحديث، فقد رجح كثير من الصحابة ليلة السابع والعشرين لأن تكون هي ليلة القدر، وكان الصحابي أبي بن كعب رضي الله عنه يحلف عليها ولا يستثني، ويقول بالآية أو العلامة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها"، أخرجه مسلم، وفي رواية صحيحة "أن رجلاً قال يا رسول الله إني شيخ كبير عليل يشق علي القيام فمرني بليلة يوفقني الله فيها لليلة القدر، فقال عليه الصلاة والسلام: عليك بالسابعة". واليوم الثلاثاء هو اليوم السادس والعشرون من شهر رمضان وفيه تكون ليلة السابع والعشرين، وليلة هذه خصائصها وفضائلها وهباتها ينبغي علينا أن نجتهد فيها ونكثر من الدعاء والاستغفار والأعمال الطيبة، نقومها لله عز وجل نذكره ونشكره، نسبحه ونحسن عبادته، نتعبد له ونتضرع إليه. إن ألف شهر تعني نحو ثلاثة وثمانين عاماً وأربعة أشهر وهذا ليس بالزمن القصير، وليلة واحدة تعادل هذا الزمن الطويل ليس بالأمر الهين، فأي فضل أعظم من هذا الفضل، فالله الله في الحرص على طلب ليلة القدر والاجتهاد بالأعمال الصالحة. اللهم تقبل منا الصيام والقيام، واجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر، وأكتب لنا أجرها فإنك عفو كريم تحب العفو، ووفق اللهم قادة الدول الإسلامية الذين سيحضرون اليوم وغداً القمة الإسلامية الاستثنائية في رحاب بيتك المحرم وأمام الكعبة الشريفة. اللهم وفق حكيم الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ووفقهم لترتيب البيت الإسلامي وإيجاد حلول عملية لقضايا الأمة الإسلامية، وكلل جهودهم بالنجاح لجمع الشمل وتوحيد الصف الإسلامي، إنك على كل شيء قدير.