أعود للمرة الرابعة للكتابة عن(الهيئة الوطنية لمحافكة الفساد) حيث سبق أن أشرت بالتأصيل إلى أنه منذ غَيَّر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز "حفظه الله" مسار رحلة عودته الشهيرة من خارج المملكة إلى الرياض حولها فجأة إلى جازان إبان كارثة( بحمى الوادي المتصدع) ثم ما أعقبه من زيارة مفاجئة للأحياء والأسر الفقيرة في بعض أحياء مدينة الرياض، ثم ما تبع ذلك من جولات ميدانية بعد البيعة زار خلالها كافة مناطق المملكة دون استثناء ثم ما ترجم حرصه من خلال مناشدات عبر خطاباته ومقابلاته لأبناء شعبة اتسمت بالشفافية والدعوة الصادقة لمحاربة الفساد ثم ماتم فيما بعد مما تضمنه المرسوم الملكي الكريم وذاك عطفا على الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد. واستشعاراً كما ورد نصا من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للمسؤولية المُلقاة على عاتقه في حماية المال العام ومحاربة الفساد والقضاء عليه على هَدْي كريم من مقاصد شريعتنا المطهرة التي حاربت الفساد وأوجدت الضمانات وهيأت الأسباب لمحاصرته، وتطهير المجتمع من آثاره الخطيرة، وتبعاته الوخيمة على الدولة في مؤسساتها وأفرادها ومستقبل أجيالها أمر بإنشاء "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، ترتبط به مباشرة من خلال ذلك العرض الموجز فيما ذكر بعالية حول إهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بترسيخ مفهوم النزاهة قولا وعملا وكذلك محاربة الفساد بكل أوجه مساراته التي عادة ما تشكل عبئا على رسم إستراتيجيات التنمية الشمولية التي تعيشها البلاد حيث اتفق جميع المعنيون بظاهرة الفساد من باحثين وأكاديميين وساسة على انعكاسات ونتائج تلك الظاهرة ومايتبعها من مخاطر جسيمة تلقي بظلالها كما أسفلت على خطط وبرامج التنمية ومرتكزات الاقتصاد الوطني والبنية الاجتماعية. وقانونيا يعد الفساد انحرافا عن التقيد بالأنظمة واللوائح التي تسنها الدول وبالتالي فإن لذلك انعكاس سلبي خطير على مفاصل الإدارة لما يعتري ذلك انتهاك صارخ لقواعد السلوك الاجتماعي وما يتعلق بالصالح العام حيث أن اضرار الفساد لا تتوقف على كسب مادي او وظيفي بل تتجاوزها في كثير من الأحيان إخلالات في توازن العمل مما يترتب عليه من اضرار كوارثية من خلال إرتكاب اعمال سلبية غير محمودة العواقب وهي في حال ثبوتها تعد أعمالا إجرامية توجب المحاسبة لأنها تعرض البشر للخطر والموت وتعثر المشاريع واحيانا كثيرة عدم الاستقرار كما تفتك بعطاء الكثير من مرافق الدولة الهامة تدخل ضمن قائمة جرائم التخريب والعمل على إخفاء معالم الأعمال وانتهاك لقواعد السلوك الانساني وإستغلال المناصب والصلاحيات مما يؤدي ذلك بصور مختلفة إلى تردي الأوضاع في البنى التحتية والمعيشية للمواطنين وتفاوت نسب الأجور والدخول والرواتب بينهم ما يؤدي إلى ضعف الولاء للمصالح العامة ناهيك عن مستوى التضخم الحاصل في أسعار السلع والمنتوجات والخدمات واتساع وتفاقم أزمة السكن وارتفاع أجوره وسؤ تنفيذ المشاريع والتقاعس في التنفيد ومخاطر كثيرة من الصعب حصرها في هذه العجالة. الذي دعاني للعودة للحديث وعطفا على ماسبق أن المتابع لا ينكر أن هنالك حملة إعلامية مكثفة ومكلفة تقوم بها الهيئة وهنالك كل أسبوع تقريبا مجموعة تؤدي القسم، وهنالك جهود تتصدر وسائل الإعلام لكن لايلمس لها المتابع أثراً واضحاً وهنالك هواتف وفاكسات لاتجد من يجيبك عليها، لذلك لاغرابة أن يبقى الحال على ماهو عليه فغالب المصالح الحكومية تخلوا من الموظفين من بعد الساعة الثانية عشرة بحجة الأبناء والمدارس، وظاهرة التسول تتفشى بشكل فاضح، بل وصل الأمر ببعضهم لاستخدام السلاح الناري، والمريض لايجد له إلا موعداً متأخراً مع الطبيب، وإذا حالته تستلزم سريراً قد لا يجد ومشاريع متعثرة وإعادة ترقيع الشوارع المتردية ظاهرة ملموسة، قدمت نماذج منها السلوكية ومنا الإدارية ومنها التنفيذية للتدليل ولا أكثر، لأن الشواهد على الأرض أكثر من أن تحصى في مقالة، لذلك لاضير إن كررنا الحديث وبنفس اللغة والعشم لعل وعسى. لذلك فالجميع يعلق آمالاً عريضة على هذه الهيئة ورئيسها الذي بنفس العشم نتمنى له النجاح في مهام عمله هذا وبالله التوفيق. جدة ص ب 8894 فاكس 6917993