•• رأيت عدداً من المختصين في شؤون التربية والتعليم يضعون أيدهم على قلوبهم، خوفاً على أبنائنا طلاب المدارس الأهلية، والسبب أن معلميهم ومرشديهم الطلابيين صاروا يتغيرون كل سنة، كما لو كان ذلك قانوناً ثابتاً في بنية تلك المدارس، وسمة من سماتها في السنوات الأخيرة. •• وسمعت بأذني معلمين ومرشدين سعوديين يصرحون بأن المدرسة الأهلية ما هي إلاَّ جسر لهم أو لعلها فترة تمرين لمدة عام ينتقلون بعدها إلى المدارس الحكومية أو إلى وظيفة أخرى بالقطاع الحكومي. •• ووزارة التربية لا بد وأنها تعلم بذلك قطعاً، وكذلك وزارة العمل، والأخيرة سنت برنامج نطاقات على المدارس الأهلية وصار عدداً ليس قليلاً منها ضمن مؤشري "الأصفر والأحمر، بسبب الانسحابات التي يُقال إنها واسعة للسعوديين من المدارس الأهلية. •• وهذا بالفعل ما صرح به عضو لجنة التعليم الأهلي خالد الخضير (طبقاً لصحيفة اليوم 4 مارس 2012م) ضمن تحقيق صحفي حمل عنوان (انسحاب عدد كبير من المعلمين بالمدارس الأهلية). •• الذي نعرفه، وأيضاً ما يقرره خبراء التربية والتعليم أن (ثبات) هيئة التدريس بالمدرسة وكذلك المرشد الطلابي يعد أحد أهم عناصر نجاح العملية التعليمية التربوية، وأحد معطيات تحقيق المخرجات الجيدة التي تظهر على الطلاب. •• لكن ماذا وقد أصبح معلمو ومرشدو المدارس الأهلية من السعوديين، يمرون بالمدارس الأهلية وبأبنائنا فيها مرور الكرام، وفي داخل كل واحد منهم إحساساً كبيراً أنها مجرد محطة أو فترة ترقب للوظيفة الحكومية، فكيف تكون إنتاجية هؤلاء أولا، ثم كيف تكون الآثار السلبية للانسحابات الكبيرة للمعلمين والمرشدين من مدارس التعليم الأهلي. •• المرشد الطلابي - مثلاً - يكون للتو قد بدأ يتعرف على جميع طلاب مدرسته، ويكون للتو قد فهم سلوكيات هذا، ومشكلة ذاك، ومهارة الثالث، وما يحتاجه الرابع.. الخ.. ثم فجأة ينسحب من المدرسة تاركاً مكانه لمرشد طلابي جديد، عليه أن يبدأ هو مرحلة طويلة وشاقة للتَّعرف على الطلاب من نقطة المربع الأولى مرة أخرى. •• نسأل لماذا يحدث ذلك فيحضر الجواب سريعاً إن راتب (3000) ثلاثة آلاف أو حتى 3500 ثلاثة آلآف وخمسمائة ليست طموح المعلم السعودي، وهي بالطبع ليست طموح أحد بالتأكيد، خصوصاً في حياة اليوم الحافلة بالكثير من متطلبات المعيشة وأحلام المستقبل. •• السؤال المهم هنا.. هل صار كل همّ وزارة العمل هو مجرد إلحاق أي سعودي بأي وظيفة فقط ؟ وهل إيجاد وظيفة معلم أو مرشد طلابي في مدرسة أهلية يكون هو منتهى حلم الوزارة ؟ ثم بعد ذلك ليس مهماً عند الوزارة إن كان راتب الوظيفة مجزياً أم لا، وإن كانت مغادرته للمدرسة الأهلية شبه مؤكدة. •• المدارس الأهلية كما قال لي أحد مديري المدارس صارت بمثابة حقل تجارب، وجسراً للمعلم والمرشد السعودي يعبر من خلالها إلى الوظيفة الأخرى في المدرسة الحكومية، وبذلك تكون المدرسة الأهلية قد فقدت (ميزتها) وضاعت منها مزايا كثيرة، فلم تعد فعلاً تُحقق طموح أولياء أمور الطلاب الذين يحلمون لأبنائهم بمحاضن تربوية أكثر خدمة، وأجود تعليماً، وأفضل تربوية. •• ما الذي بقي للمدرسة الأهلية، وقد صارت أحوال الكثير منها هكذا، فوج جديد من المعلمين والمرشدين يأتي، ثم ينسحب بعد سنة، ثم يأتي فوج آخر جديد.. وهكذا إذا أتى الفوج الجديد منذ أول يوم من أيام الدراسة، حيث بعض المدارس تظل لمدة شهر وهي تشهد نقصاً واضحاً في المعلمين. •• هل نحن بهكذا إجراءات نكون تقدمنا، أم أننا تأخرنا كثيراً للوراء في ميدان مهم جداً من ميادين حياتنا، وهو ميدان التربية والتعليم، هذا ما يجب أن تجيب عليه بشفافية وزارة التربية ومعها وزارة العمل؟